الوجه الثالث: أن هذه الكميات الهائلة التي تمتلئ بها الأسواق العالمية من الدجاج وغيره يستبعد أن تأتي الذكاة الشرعية بشروطها على أفرادها كلها لأنها تذبح وتعلب آلياً.
الوجه الرابع: أن الإلحاد والتحلل من العهد الديني والأحكام الشرعية قد غلب على الناس في هذا الزمان وقلت الأمانة والصدق فلا يعتمد على أقوال هؤلاء المصدرين لهذه اللحوم، ولا على كتابتهم على ظهر أغلفتها بأنها ذكيت على الطريقة الإسلامية لا سيما وقد وجد بعض الدجاج برأسه لم يقطع شيء من رقبته كما وجدت هذه العبارة مكتوبة على أغلفة ما لا يحتاج إلى ذكاة كالسمك، مما يدل على أن هذه الكتابة إنما هي عبارة عن دعاية مكذوبة يقصد بها مجرد ترويج هذه اللحوم وابتزاز الأموال بالباطل.
الوجه الخامس: أنه لم يكن لقول من أباح هذا النوع من اللحوم من مستند سوى التمسك بعموم الآية الكريمة: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} وهذا العموم مخصوص بالنصوص الكثيرة كقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ}[المائدة: ٣]. وبالنصوص التي تدل على أنه إذا اجتمع حظر وإباحة غلب جانب الحظر. والله أعلم (١).