للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخذ بقوله - صلى الله عليه وسلم - لهند: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" متفق عليه.

ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" رواه التّرمذيّ وحسنه (١)، ومتى أخذ من ماله قدر حقه بغير إذنه فقد خانه، وقال -عليه السّلام-: "لا يحل مال امرئ مسلم إِلَّا عن (٢) طيب نفس منه" (٣). ولأنّه إن أخذ من غير جنسه كان معاوضة بغير تراض، وإن أخذ من جنس حقه فليس له تعيين الحق بغير رضا صاحبه، فأمَّا حديث هند فإن أحمد اعتذر عنه بأن حقها واجب عليه في كلّ وقت، وهذا إشارة منه إلى الفرق بالمشقة في المحاكمة في كلّ وقت والمخاصمة كلّ يوم تجب فيه النفقة بخلاف الدِّين، وبينهما فروق أخر ذكرها في الشرح (٤) وغيره.


(١) التّرمذيّ رقم ١٢٦٤ والدارقطنيُّ ٣/ ٣٥.
(٢) في هـ من.
(٣) رواه الدارقطني ٣/ ٢٦ عن أنس بن مالك وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف وليس عنده لفظ (منه) وللحديث أسانيد أخر عند الدارقطني والإمام أحمد كلها لا تخلو من ضعف. انظر نيل الأوطار ٥/ ٣٥٦.
(٤) الشرح الكبير ١١/ ٤٦٤ وقد ذكر ثلاثة فروق:
أوَّلًا: أن قيام الزوجية كقيام البينة فكان الحق صار معلومًا بعلم قيام مقتضيه.
ثانيًا: أن للمرأة من البسط في مال زوجها بحكم العادة ما يؤثر في إباحة أخذ الحق وبذل اليد فيه بالمعروف بخلاف الأجنبي.
ثالثًا: أن النفقة تراد لإحياء النفس وإبقاء المهجة وهذا ممّا لا يصبر عنه ولا سبيل إلى تركه فجاز أخذ ما تندفع به هذه الحاجة بخلاف الدِّين لكن إنَّ كانت النفقة ماضية لم يكن لها أخذها ولو وجب عليه لها دين آخر لم يكن لها أخذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>