{يَتامَى النِّساءِ}(١٢٧) ومن ذلك ما رواه الضبى عن أبى عبد الله المدنى: «فى ييامى النّساء»، بياءين.
قال أبو الفتح: القراءة المجمع عليها: {فِي يَتامَى النِّساءِ} بياء وتاء بعدها. ولا يجوز قلب التاء هنا ياء. والقول عليه-والله أعلم-أنه أراد أيامى، فأبدل الهمزة ياء، فصارت «ييامى»، وقلبت الهمزة ياء كما قلبت الهمزة ياء فى قولهم: قطع الله «أديه»، يريدون يده، فرد لام الفعل، وأعاد العين إلى سكونها، فصارت يديه، ثم أبدل الياء همزة فصارت أديه، ولم أسمع هذا إلا من جهته، وأيا ما كان فقد قلب الياء همزة.
ونظير قلب الهمزة فى «أيامى» إلى الياء حتى صارت «ييامى» قولهم: باهلة بن يعصر، فالياء فيه بدل من همزة أعصر وذلك لأنه يقال: باهلة بن أعصر ويعصر، وإنما سمى أعصر ببيت قاله:
أبنى إن أباك غير لونه … كرّ الليالى واختلاف الأعصر
فهذا دليل فى كون الهمزة أصلا والياء بدل منها.
وأما «أيامى» فقالوا: إنها جمع أيّم، وأصلها عندهم أيائم كسيد وسيائد، كذا رواها ابن الأعرابى، سيد وسيائد بالهمز كما ترى، وفى هذا شاهد لقول سيبويه: إنه متى اكتنف ألف التكسير حرفا علة أيّين كانا وجاور الآخر منهما الطرف فإنه يهمز.
وشاهد ذاك أيضا ما رواه أبو عثمان عن الأصمعى: أنهم قالوا: عيّل وعيائل بالهمز.
وحكى أبو زيد: سيّقة وسيائق بالهمز.
وكان أبو على يسر بما حكاه أبو زيد من همز سيائق، ولم يقع له إذ ذاك ما حكيناه عن ابن الأعرابى من همز سيائد، ولا كان إذ ذاك وقع هذا الحرف إلىّ فأذكره له، كأشياء كانت تخطر لى أو تنتهى إلىّ فأحكيها له، فتقع مواقعها المرضية عنده.
ومذهب أبى الحسن بخلاف ذلك، فلما صارت إلى أيائم قدمت اللام وأخرت العين، فصارت «أيامى» ثم أبدلت من الكسرة فتحة ومن الياء ألف فصارت «أيامى»، ووزنها الآن فيالع، وأصلها أيائم فياعل، لأن أيما فيعل، هذا مذهب الجماعة فى أيمّ وأيامى.