المقر صادق في إقراره والحالف بار في يمينه والشاهد صادق في شهادته وإذا جاز الحكم بمستند لا يفيد إلا الظن فكيف لا يجوز الحكم بالعلم واليقين وفي هذه المسألة مذاهب مختلفة وقد احتج أهل كل مذهب بحجج لا تصلح ولا تنطبق على محل النزاع وأقربها ما أخرجه أحمد والنسائي والحاكم من حديث أبي هريرة قال: جاء رجلان يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: للمدعي أقم البينة فلم يقمها فقال: للآخر احلف فحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له عنده شيء فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد فعلت ولكن قد غفر لك بإخلاص لا إله إلا الله" وفي رواية الحاكم بل هو عندك ادفع إليه حقه وأما أقوال الصحابة فلا تقوم بها الحجة إلا إذا أجمعوا على ذلك عند من يقول بحجية الإجماع.
وأما كونها لا تقبل شهادة من ليس بعدل فلقوله تعالى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق:٢] وقوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة:٢٨٢] وقوله: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ}[الحجرات:٦] الآية وقد حكى في البحر الإجماع على أنها لا تصح شهادة فاسق التصريح.
وأما كونها لا تقبل شهادة الخائن وذي العداوة والمتهم فلحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند أحمد وأبي داود والبيهقي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمر على أخيه ولا يجوز شهادة القانع لأهل البيت وا لقانع الذي ينفق عليه أهل البيت" ولأبي داود في رواية "ولا زان ولا زانية". قال: ابن حجر في التلخيص وسنده قوي والغمر بكسر المعجمة وسكون الميم بعدها راء مهملة الحقد أي لا تقبل شهادة العدو على العدو وأخرج الترمذي والدارقطني والبيهقي من حديث عائشة مرفوعا بلفظ "لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمر لأخيه ولا ظنين ولا قرابة" وفي إسناده يزيد ابن زياد الشامي وهو ضعيف وقد أخرج الطبراني والبيهقي من حديث ابن عمر نحوه وفي إسناده عبد الأعلى أو شيخه يحيى بن سعيد الفارسي وهما ضعيفان وأخرج أبو داود في المراسيل من حديث طلحة بن عبد اللهبن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث مناديا أنها لا تجوز شهادة خصم