للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والذوبَ من عسلِ السَّراةِ كأنَّما ... غصبَ الأميرُ ببيعِها المشتارا

وكأنَّ نطفةَ بارقٍ وطبرزداً ... ومدامةً قدْ عتّقتْ أعصارا

تجري على أنيابِ بشرةَ كلَّما ... طرقتْ ولا تدري بذاكَ غرارا

يروى بها الظّمآنُ حينَ يسوفهُ ... لذّا المقبّل بارداً مخمارا

ويفوزُ منْ هو في الشّتاءِ شعارُهُ ... أكرمْ بها تحتَ اللّحافِ شعارا

جودِي لمحزونٍ ذهبتِ بعقلِهِ ... لم يقضِ منكِ بشيرَةُ الأوطارا

وإذا ذهبتُ أسومُ قلبيَ خطّةً ... من صرمها ألفيتُهُ خوّارا

واغرورقتْ عينايَ حينَ أسومُهُ ... والقلبُ هاجَ بذكرِها استعبارا

فبتلكَ أهذِي ما حييتُ صبابةً ... وبكِ الحياةَ أشبِّبُ الأشعارا

وقال عمر بن أبي ربيعة:

ألمْ تربعْ على الطّللِ المريبِ ... عفا بينَ المحصَّبِ فالطَّلُوبِ

بمكّةَ دارساً درجتْ عليهِ ... خلافَ الحيِّ ذيلُ صباً هبوبِ

وأقفرَ غير منتضدٍ ونؤيٍ ... أجدَّ الشَّوقَ للقلبِ الطَّروبِ

كأنَّ الرَّبعَ ألبسَ عبقريّاً ... من الجنديِّ أو بزِّ الجروبِ

كأنَّ مقصَّ رامسةٍ عليها ... مع الحدثانِ سطرٌ في عسيبِ

لنعمٍ إذ تعاودهُ هيامٌ ... به أعيا على الحاوي الطّبيبِ

لعمركَ إنّني منْ دينِ نعمٍ ... لكالدَّاعي إلى غيرِ المجيبِ

وما نعمٌ ولو علّقتَ نعماً ... بجازيةِ الثّوابِ ولا مثيبِ

إذا نعمٌ نأتْ بعدتْ وتعدُو ... عوادٍ أنْ تزارَ مع الرَّقيبِ

وإنْ شطّتْ بها دارٌ تعيَّا ... عليهِ أمرهُ بالُ الغريبِ

أسمِّيها لتكتم باسمِ نعمٍ ... ويبدي القلبُ عن شخصٍ حبيبِ

وأكتمُ ما أسمّيها وتبدو ... شواكلُهُ لذي اللَّبِّ الأريبِ

فإمّا تعرضِي عنَّا وتعدِي ... لقولِ ممازحٍ ملقٍ كذوبِ

فكمْ منْ ناصحٍ في آل نعمٍ ... عصيتُ وذي ملاطفةٍ نسيبِ

فهلاَّ تسألِي أفناءَ معدٍ ... وقدْ تبدُو التّجاربُ للّبيبِ

سبقنا بالمكارمِ فاستبحنا ... قرَى ما بينَ مأربَ فالدُّروبِ

بكلِّ قيادِ سلهبَةٍ سبوحٍ ... وسامِي الطّرفِ ذي حضرٍ نجيبِ

ونحنُ فوارسُ الهيجا إذا ما ... رئيسُ القومِ أجمعَ للهروبِ

نقيم على الحفاظ فلنْ ترانا ... نشلُّ نخافُ عاقبةَ الخطوبِ

ويمنعُ سربَنا في الحربِ شمُّ ... مصاليتٌ مساعرُ في الحروبِ

ويأمنُ جارُنا فينا ويلقَى ... فواضلَنا بمختبطٍ خصيبِ

ونعلمُ أنّنا سنبيدُ يوماً ... كما قدْ بادَ من عددِ الشُّعوبِ

فتجتنبُ المقاذعَ حيثَ كانتْ ... ونكتسبُ العلاءَ معَ الكسُوبِ

ولو سئلَتْ بنا البطحاءُ قالتْ ... هم أهلُ الفواضلِ والسّيوبِ

ويشرقُ بطنُ مكّةَ حينَ نضّحي ... به ومناخُ واجبةِ الجنوبِ

وأشعثَ إنْ دعوتُ أجابَ وهناً ... على طولِ الكرَى وعلى الدّؤوبِ

وكانَ وسادهُ أحناءَ رحلٍ ... على أصلابِ ذعلبةٍ هبوبِ

أقيمُ بها سوادَ اللّيلِ نصّاً ... إذا حبَّ الرُّقادُ إلى الهيوبِ

وقال عمر بن أبي ربيعة:

قالَ لي صاحبي ليعلمَ ما بي ... أتحبُّ القتولَ أختَ الرّبابِ

قلتُ وجدِي بها كوجدِكَ بالعذ ... بِ إذا ما منعْتَ بردَ الشَّرابِ

من رسولِي إلى الثّريّا بأنّي ... ضقتُ ذرعاً بهجرها والكتابِ

أزهقتْ أمُّ نوفلٍ إذْ دعتْها ... مهجتِي ما لقاتلي من متابِ

حينَ قالتْ قومِي أجيبي فقالتْ ... من دعانِي قالتْ أبو الخطّابِ

فأجابتْ عندَ الدُّعاءِ كما لبَّى ... رجالٌ يرجونَ حسنَ الثّوابِ

أبرزُوها مثلَ المهاةِ تهادَى ... بينَ خمسٍ كواعبٍ أترابِ

فتبدَّتْ حتّى إذا جنَّ قلبي ... حال دوني ولائدٌ بالثِّياب

وهي مكنونةٌ تحيَّرَ منها ... في أديمِ الخدَّينِ ماءُ الشّبابِ

حين شبَّ القتولُ والعتقُ منها ... حسنُ لونٍ يرفُّ كالزّريابِ

ذكّرتني من بهجةِ الشَّمسِ لمَّا ... طلعتْ منْ دجنّةٍ وسحابِ

دميةٌ عندَ راهبٍ قسِّيسٍ ... صوَّرُوها في مذبَحِ المحرابِ

<<  <   >  >>