أجندَلُ ما تقولُ بنو نميرٍ ... إذا ما الأيرُ في استِ أبيكِ غابا
ألمْ ترنِي صببتُ على عبيدٍ ... وقدْ فارتْ أباجلُهُ وشابا
أعدُّ لهُ مواسمَ حامياتٍ ... فيشفي حرُّ شعلَتِها الجرابا
فغضَّ الطّرفَ إنّكَ من نميرٍ ... فلا كعباً بلغتَ ولا كلابا
أتعدلُ دمنةً خبثتْ وقلَّتْ ... إلى فرعينِ قدْ كثرا وطابا
وحقَّ لمنْ تكنّفهُ قريعٌ ... وضبّةُ لا أبا لكَ أنْ يعابا
فلولا الغرُّ منْ سلفى كلابٍ ... وكعبٍ لاغتصبتكمُ اغتصابا
وإنّكمُ قطينُ بني سليمٍ ... ترى برقُ العباءِ لكمْ ثيابا
إذنْ لنفيتُ عبدَ بنِي نميرٍ ... وعلّي أنْ أزيدهمُ ارتيابا
فيا عجباً أتوعدُني نميْرٌ ... براعِي الإبلِ يحترشُ الضِّبابا
لعلّكَ يا عبيدُ حسبتَ حربي ... تقلُّدكَ الأصرَّةَ والعلابا
إذا نهضَ الكرامُ إلى المعالِي ... نهضتَ بعلبةٍ وأثرتَ نابا
تبوءُ لها بمحينة وحيناً ... تبادرُ حدَّ درتها السِّقابا
تحنُّ له العفاسُ إذا أفاقتْ ... وتعرفُهُ الفصالُ إذا أهابا
فأوْلِع بالعفاسِ بني نميرٍ ... كما أولعتَ بالدَّبَرِ الغرابا
وبئسَ القرْضُ قرضكَ عندَ قيسٍ ... تهجّيها وتمتدحُ الوطابا
وتدعو خمشَ أمكَ أنْ ترانا ... نجوماً لا ترومُ لها طلابا
فلنْ تسطيعَ حنظلتِي وسعدِي ... وعمرِي إنْ دعوتُ ولا الرِّبابا
قرومٌ تحملُ الأعباءَ عنكُمْ ... إذا ما الأمرُ في الحدَثانِ نابا
همُ ملكُوا الملوكَ بذاتِ كهفٍ ... وهمْ منعوا من اليمنِ الكلابا
إذا غضبتْ عليكَ بنو تميمٍ ... وجدتَ النّاسَ كلَّهمُ غضابا
ألسنا أكثرَ الثّقلينِ رجلاً ... ببطنِ منىً وأعظمَهُ قبابا
وأجدرَ أنْ تجاسرَ ثمَّ نادَى ... بدعوَى يآلَ خندفَ أنْ يجابا
لنا البطحاءُ نفعمُها السّواقِي ... ولمْ يكُ سيلُ أوديتِي شعابا
فما أنتمْ إذا عدلتْ قرومِي ... شقاشقَها وهافتتِ اللُّعابا
تنحَّ فإنَّ بحريَ خندفيٌّ ... ترى لفحولِ جريتِهِ عُبابا
بموجٍ كالجبالِ فإنْ ترمهُ ... تغرّقْ ثمَّ يرمِ بكَ الجنابا
وما تلقَى محلّي في تميمٍ ... بذي زللٍ ولا نسبي انتسابا
علوتُ عليكَ ذروةَ خندفيٍّ ... ترى منْ دونِها رتباً صعابا
لنا حوضُ الرّسولِ وساقياهُ ... ومنْ ورثَ النبوّةَ والكتابا
ومنّا منْ يجيزُ حجيجَ جمعٍ ... وإنْ خاطبتَ عزّكمُ خطابا
ستعلمُ من أعزُّ حمىً بنجدٍ ... وأعظمُها بغائرةٍ هضابا
أعزُّكَ بالحجازِ فإنْ تسهَّلْ ... لغورِ الأرضِ تنتهبُ انتهابا
أتيعرُ يا ابن بروعَ منْ بعيدٍ ... فقدْ أسمعتَ فاستمعِ الجوابا
فلا تجزعْ فإنَّ بني نميرٍ ... كأقوامٍ نفحتَ لهمْ ذنابا
شياطينُ البلادِ يخفنَ زأرِي ... وحيَّةُ أريحيّا لي استجابا
تركتُ مجاشعاً وبنِي نميرٍ ... كدارِ السّوٍء أسرعتِ الخرابا
ألمْ ترَنِي وسمتُ بنِي نميرٍ ... وزدتُ على أنُوفهمُ العِلابا
وقال جرير:
أجدَّ رواحُ الحيّ أم لا تروَّحُ ... نعم كلُّ من يعنى بجملٍ مترَّحُ
إذا ابتسمتْ أبدتْ غروباً كأنّها ... عوارضُ مزنٍ تستهلُّ وتلمحُ
لقد هاجَ هذا الشَّوقُ عيناً مريضةً ... أجالتْ قذىً ظلّتْ به العينُ تمرحُ
بمقلةِ أقنَى ينقضُ الطّلَّ باكرٍ ... تجلَّى الدُّجى عن طرفهِ حينَ يصبحُ
فأعطيتُ عمراً منْ أُمامةَ حكمَهُ ... وللمشتري منهُ أمامةَ أربحُ
صحا القلبُ عن سلمَى وقد برّحتْ بهِ ... وما كانَ يلقَى من تماضرَ أبرحُ
رأيتُ سليمَى لا تبالي الذي بنا ... ولا عرضاً من حاجةٍ لا تسرِّحُ
إذا سايرتْ أسماءُ قوماً ظعائناً ... فأسماءُ من تلكَ الظّعائنِ أملحُ
ظللنَ حوالِي خدرَ أسماءَ وانتحَى ... بأسماءَ موّارُ الملاطينِ أروحُ
تقولُ سليمَى ليسَ في الصّرمِ راحةٌ ... بلى إنَّ بعضَ الصّرمِ أشفى وأروَحُ
أحبُّكِ إنَّ الحبُّ داعيةُ الهوَى ... وقدْ كادَ ما بينِي وبينكِ يبرَحُ