تعرَّضُ أمثالَ القوافِي كأنَّها ... نجائبُ تعلُو مربداً فتطالِعُ
أجئتمْ تبغَّونَ العرامَ فعندَنا ... عرامٌ لمن يبغِي العرامةَ واسعُ
تشمَّسُ يربُوعٌ ورائيَ بالقَنا ... وعادَتُنا الإقدامُ يومَ نقارعُ
لنا جبلٌ صعبٌ عليهِ مهابةٌ ... منيعُ الذرَى في الخندفيّينَ فارعُ
وفي الحيِّ يربوعٌ إذا ما تشمَّسوا ... وفي الهندُوانيّاتِ للضيمِ مانعُ
لنا في بني سعدٍ جبالٌ حصينةٌ ... ومنتفدٌ في باحةِ العزِّ واسعُ
وتبذخُ من سعدٍ قرومٌ بمفرعٍ ... لهمْ عندَ أبوابِ الملوك تدافعُ
لسعدٍ ذرَى عاديَّةٍ يهتدَي بها ... ودرءٌ على من يبتغي الدَّرءَ ضالعُ
وإنَّ حمىً لمْ يحمهِ غير فرتنا ... وغيرُ ابن ذي الكيرين خزيانُ ضائعُ
رأتْ مالكٌ نبلَ الفرزدق قصَّرتْ ... عن المجدِ إذ لا يأتلِي الغلوَ نازعُ
تعرَّضَ حتَّى أثبتتْ بينَ خطمِهِ ... وبينَ مخطِّ الحاجبينِ القوارعُ
أرى الشّيبَ في رأسِ الفرزدقِ قد علا ... لهازمَ قردٍ رنَّحتْهُ الصّواقعُ
وأنتَ ابنَ قينٍ يا فرزدقُ فازدهِرْ ... بكيركَ إنَّ الكيرَ للقينِ نافعُ
فإنْ تكُ إنْ تنفخْ بكيركَ تلقَنا ... نعدَّ القنا والخيلَ يومَ نقارعُ
وأمّا بنو سعدٍ فلوْ قلتَ أنصتُوا ... لتنشدَ فيهم حزَّ أنفكَ جادعُ
رأيتكَ إنْ لمْ يغنكَ اللهُ بالغنى ... لجأتَ إلى قيسٍ وخدُّكَ ضارعُ
وما ذاكَ إنْ أعطى الفرزدقُ باستهِ ... بأوَّلِ ثغرٍ ضيَّعتهُ مجاشعُ
ألا إنَّما مجدُ الفرزدقِ كيرهُ ... وذخرٌ لهُ في الجنبتين قعاقعُ
يقولُ لليلى قينُ صعصعةَ اشفعي ... وفيما وراءَ الكير للقينِ شافعُ
لعمرِي لقدْ كانتْ قفيرةُ بيَّنتْ ... وشعرةُ في عينيكَ إذ أنتَ يافعُ
يبيّنُ في عينيكَ من حمرةِ استِها ... بروقٌ ومصفرٌّ من اللَّونِ فاقعُ
إذا سفرتْ يوماً نساءُ مجاشعٍ ... بدتْ سوأةٌ ممّا تجنُّ البراقعُ
مناخرُ سافتْها القيونُ كأنَّها ... أنوفُ خنازيرِ السَّوادِ القوابعُ
مباشيمُ عن غبِّ الخزيرِ كأنَّما ... يصوِّتُ في أعفاجهنَّ الضَّفادعُ
لقدْ قوستْ أمُّ البعيثِ وأتعبتْ ... على الزَّفرِ حتّى شنَّجتْها الأخادعُ
صبورٍ على عضِّ الهوانِ إذا شتتْ ... وإنْ جاءَ صيفٌ تبتغي من تباضعُ
وقدْ علمتْ غيرَ الفياشِ مجاشعٌ ... إلى من تصيرُ الخافقاتُ اللّوامعُ
لنا جانبا مجدٍ فبانٍ لنا العلَى ... وحامٍ إذا احمرَّ القنا والأشاجعُ
أتعدَلُ أحسابٌ كرامٌ حماتُها ... بأحسابكُم إنِّي إلى اللهِ راجعُ
لقومِي أحمَى في الحقيقةِ منكمُ ... وأضربُ للجبّارِ والنَّقعُ ساطِعُ
وأوثقُ عندَ المردفاتِ عشيّةً ... لحاقاً إذا ما جرَّدَ السَّيفَ لامعُ
وأمنعُ جيراناً وأحمدُ للقرى ... إذا اغبرَّ في المحلِ النجومُ الطّوالعُ
وسامٍ بدهمٍ غيرِ منتقضِ القوى ... رئيسٍ سلبنا بزَّةُ وهو وادعُ
ندسْنا أبا مندوسةَ القينَ بالقنا ... ومارَ دمٌ من جارِ بيبةَ ناقعُ
ونحنُ نفرنا حاجباً مجدَ قومِهِ ... وما نالَ عمروٌ مجدَنا والأقارعُ
ونحنُ صدعْنا هامةَ ابنِ محرِّقٍ ... فما رقأتْ بعدَ العيونِ الدَّوامعُ
وما ماتَ قومٌ ضامنينَ لنا دماً ... فيوفينا إلاَّ دماءٌ شوافعُ
بمرهفةٍ بيضٍ إذا هي جرِّدَتْ ... تألَّقَ فيهنَّ المنايا الكوامعُ
لقدْ كانَ يا أولادَ جخجخ فيكمُ ... محوَّلُ رحلٍ للزُّبيرِ ومانعُ
وقد كانَ في يومٍ الحوارِي جاركمْ ... أحاديثُ صمَّتْ من ثناها المسامعُ
وبتُّمْ تعشّونَ الخزيرَ كأنَّكمْ ... مطلَّقةٌ حيناً وحيناً تراجعُ
يقبِّحُ جبريلٌ وجوهَ مجاشعٍ ... وتنعَى الحواريَّ النجومُ الطّوالعُ
إذا قيلَ أيُّ النّاسِ شرٌّ قبيلةً ... وأعظمُ عاراً قيلَ تلكَ مجاشعُ
بني ضمضمِ السوءاتِ لمّا أقادكُمْ ... نبيهُ استِها سدَّتْ عليكَ المطالعُ
فأصبحَ عوفٌ كالسِّنانِ وأصبحتْ ... تقيسُ جشاءاتِ الخزيرِ مجاشعُ