ولا سلمتْ منها حويَّ ولا نجتْ ... فروجُ البغايا ضمضمٌ والصّعاصعُ
ندمتَ على يومِ السِّباقينِ بعدَما ... وهيتَ فلم يوجدْ لوهيكَ راقعُ
فما أنتمُ بالقومِ يومَ افتديتمُ ... به عنوةً والسَّمهريُّ شوارعُ
وقال جرير يرد على الفرزدق، ويهجو آل الزبرقان بن بدرٍ ويخصُّ عياشاً وأخوته بني الزبرقان:
أمنْ عهدِ ذي عهدٍ تفيضُ مدامعي ... كأنَّ قذى العينينِ من حبِّ فلفلِ
فإن يرَ سلمَى الجنُّ يستأنسوا بها ... وإن يرَ سلمَى راهبُ الطُّورِ ينزلِ
من البيضِ لم تظعنْ بعيداً ولم تطأ ... على الأرض إلاَّ نيرَ مرطٍ مرحَّلِ
إذا ما مشتْ لمَّ تنتهزْ وتأوَّدتْ ... كما انآدَ من خيلٍ وجٍ غيرُ منعلِ
كما مالَ فضلُ الجلِّ عن متنِ عائذٍ ... أطافتْ بمهرٍ في رباطٍ مطوَّلِ
لها مثلُ لونِ البدرِ في ليلةِ الدُّجَى ... وريحُ الخزامَى في دماثٍ مسيَّلِ
أإنْ شبَّ قينٌ وابنُ قينٍ غضبتمُ ... أبهدلَ يا أفناءَ سعدٍ لبهدلِ
أعيّاشُ قد ذاقَ القيونُ مرارتِي ... وأوقدتُ ناري دونَ ناركَ فاصطلِي
سأذكرُ ما قالَ الحطيئةُ جارُكم ... وأحدثُ وسماً فوقَ وسمِ المخبَّلِ
أعياشُ ما تغنِي قفيرةُ بعدما ... سقيتكَ سماً في مرارةِ حنظلِ
أعيّاشُ قدْ آوتْ قفيرةُ نسلَها ... إلى بيتِ لؤمٍ ما له من محوّلِ
تذئرُ أبكارَ اللّقاحِ ولم تكنْ ... قفيرةُ تدرِي ما جناةُ القرنفلِ
فإنْ تدّعُوا للزبرقانِ فإنَّكمْ ... بنو بنتِ قينٍ ذي علاةٍ ومرجلِ
وما حافظتْ يومَ الزُّبير مجاشعٌ ... بنو ثيلِ خوّارٍ يداوَي بجرملِ
ولو باتَ فينا رحلُهُ قدْ علمتُمُ ... لآئبَ سليماً والضبَّابةُ تنجلِي
فشدُّوا الحبَى للغدرِ إنِّي مشمِّرٌ ... إذا ما علا متنَ المفاضةِ محملِي
فلا تطلبنْ يا ابني قفيرةَ سابقاً ... يدقُّ جماحاً كلَّ فأسٍ ومسحلِ
كما رامَ منّا القينُ أيّامَ صوأرٍ ... فلاقي جماحاً من حمامٍ معجَّلِ
ضغا القردُ لمّا مسَّهُ الجهدُ واشتكَى ... بنو القينِ منِّي حدَّ نابٍ وكلكلِ
أتمدحُ سعداً بعدَ أسلابِ جاركمُ ... وحرِّ فتاةٍ عقرُها لم نحلِّلِ
أجعثنُ قد لاقيتِ عمرانَ شارباً ... على الحبّةِ الخضراءِ ألبانَ أيَّلِ
فباتتْ تناكُ الشَّغزبيَّةَ بعدَما ... دعتْ بنتَ قينٍ باتَ لمْ يتوكَّلِ
توجَّعُ رصفَ الرُّكبتينِ وتشتكي ... مساحجَ من رضراضةٍ ذاتِ جندَلِ
لعلكَ ترجُو يا ابن نافخ كيرهِ ... قروماً شبا أنيابها لمْ تفلَّلِ
أتعدلُ يربوعاً وأيّامَ حيلها ... بأيّامِ مضفونينِ في الحربِ عزَّلِ
ألا تسألُونَ المردفاتِ عشيَّةً ... مع القومِ لا يخبأنَ ساقاً لمجتلِي
من المانعونَ السَّبْي لا يمنعونَهُ ... وأصحابُ أغلالِ الرَّئيسِ المكبَّلِ
وفي أيَّ يومٍ لم تسلَّلْ سيوفنا ... فنعلو بها هامَ الجبابرِ من علِ
فما لمتُ نفسِي في حديثٍ ولمتُهُ ... ولا لمتُ فيما قدَّر اللهُ أوَّلِي
وقال جريرُ يردُّ على الفرزدق:
لا خيرَ في مستعجلاتِ الملاومِ ... ولا في حبيبٍ وصلُهُ غيرُ دائمِ
ولا خيرَ في مالٍ عليهِ أليَّةٌ ... ولا في يمينٍ غيرِ ذاتِ مخارمِ
تركتُ الصّبا من رهبةٍ أن يهجنِي ... بتوضحَ رسمُ المنزلِ المتقادمِ
وقال صحابي مالهُ قلتُ حاجةٌ ... تهيجُ صدوعَ القلب بينَ الحيازمِ
تقولُ لنا سلمَى من القومُ أن رأتْ ... وجوهاً عتاقاً لوِّحتْ بالسَّمائمِ
لقدْ لُمتِنا يا أمَّ غيلانَ في السُّرَى ... ونمتِ وما ليلُ المطِيِّ بنائمِ
وأرفعُ صدرَ العِيسِ وهي شملَّةٌ ... إذا ما السُّرَى مالتْ بلوثِ العمائمِ
بأغبرَ خفّاقٍ كأنَّ قتامَهُ ... دخانُ الغضا يعلُو فروجَ المخارمِ
إذا العفرُ لاذّتْ بالكناسِ وهجَّجتْ ... عيون المهارِي من أجيج السَّمائمِ
وإنَّ سوادَ اللّيلِ لا يستفزُّني ... ولا الجاعلاتِ العاجَ فوقَ المعاصمِ
ظللنا بمستنِّ الحرورِ كأنَّنا ... لدى فرسٍ مستقبلِ الرِّيحِ صائمِ