نجاةٌ يصلُّ المروُ تحتَ أظلَّها ... بلاحقةِ الآطالِ حامٍ هجيرُها
ألا ليتَ شعري عنْ سليطٍ ألمْ يجدْ ... سليطٌ سوى غسانَ جاراً يجيرُها
لقدْ ضمنّوا الأحسابَ صاحبَ سوأةٍ ... يناجي بها نفساً لئيماً ضميرها
ونبئتُ غسّانَ بن واهصةِ الخصى ... يلجلجُ منّي مضغةً لا يحيرُها
ستعلمُ ما يغنِي حكيمٌ ومنقعٌ ... إذا الحربُ لم يرجعْ بصلحٍ سفيرُها
ألا ساءَ ما تبلَى سليطٌ إذا ربتْ ... جواشنُها وازدادَ عرضاً ظهورُها
بأستاهِها ترمِي سليطٌ وتتَّقي ... ويرمِي نضالاً عن كليبٍ جريرُها
ولمّا علاكمْ صكُّ بازٍ جنحتُمُ ... بأستاهِ خربانٍ تصرُّ صقورُها
عضاريطُ يشوونَ الفراسنَ بالضُّحى ... إذا ما السَّرايا حثَّ ركضاً مغيرُها
فما في سليطٍ فارسٌ ذو حفيظةٍ ... ومعقلُها يومَ الهياجِ جعورُها
أضجُّوا الرَّوايا بالمزادِ فإنَّكمْ ... ستلقونَ كرَّ الخيلِ تدمَى نحورُها
عجبتُ من الدّاعِي جحيشاً وصائداً ... وعيساءُ يسعَى بالعلابِ نفيرُها
أساعيةٌ عيساءُ والضّأنُ حفَّلٌ ... فما حاولتْ عيساءُ أمّا عذيرُها
إذا ما تعاظمتمْ جعوراً فشرِّفوا ... جحيشاً إذا آبتْ من الصَّيفِ عيرُها
أناساً يخالونَ العباءَةَ فيهمِ ... قطيفةَ مرعزَّى يقلَّبُ نيرُها
كأنَّ سليطاً في جواشنها الخصَى ... إذا حلَّ بينَ الأملحينِ وقيرُها
إذا قيلَ ركبٌ من سليطٍ فقبِّحتْ ... ركاباً وركباناً لئيماً بشيرُها
نهيتكمُ أن تركبُوا ذاتَ ناطحٍ ... من الحربِ يلوي بالرِّداءِ نذيرُها
وما بكمُ صبرٌ على مشرفيَّةٍ ... تعضُّ فراخَ الهامِ أو تستطيرُها
تمنَّيتُمُ أنْ تسلُبُوا القاعَ أهلَهُ ... كذاكَ المُنى غرَّتْ جحيشاً غرورُها
وقد كانَ في بقعاءَ ريٌّ لشائكمْ ... وتلعةَ والجوفاءَ يجري غديرُها
تناهوا ولا تستورِدوا مشرفيَّةً ... تطيرُ شؤونَ الرأسِ منها ذكورُها
كأنَّ السَّلِيطيّينَ أنقاضُ كمأةٍ ... لأوَّلِ جانٍ بالعصَى يستثيرُها
غضبتُمْ علينا أو تغنَّيتُمُ بنا ... أن اخضرَّ من بطنِ التَّلاعِ غميرُها
ولو كانَ حلمٌ نافعٌ في مقلَّدٍ ... لما وغرتْ من غير جرمٍ صُدورها
بنو الخطفى والخيلُ أيامَ سوقَةٍ ... جلوا عنكمْ الظَّلماءَ وانشقَّ نورُها
وفي بئرِ حصنٍ أدركتنا حفيظةٌ ... وقدْ ردَّ فيها مرَّتينِ جفِيرُها
فجئنا وقدْ كانتْ مراغاً وبرّكتْ ... عليها مخاضٌ لم تجدْ من يثرُها
لئنْ ضلَّ يوماً بالمجشَّرِ رأيُهُ ... وكانَ لعوفٍ حاسداً لا يضيرُها
فأوْلَى وأولَى أنْ أصيبَ مقلداً ... بفاشيةِ العدوَى سريعٍ نشُورُها
لقدْ جردتْ يومَ الحدابِ نساؤُهمْ ... فساءتْ مجالِيها وقلّتْ مهورُها
وقال جريرٌ يهجو البعيث المجاشعيّ، وكان ضلعُ البعيث على بني سليطٍ:
لمنْ طللٌ هاجَ الفؤادَ المتيَّما ... وهمَّ بسلمانينَ أنْ يتكلَّما
أمنزلتَيْ هندٍ بناظرةَ اسلَما ... وما راجع العرفانَ إلاَّتوهُّما
كأنَّ ديارَ الحيِّ ريشُ حمامةٍ ... محاها البلَى واستجمعتْ أنْ تكلَّما
لقدْ آذنتْ هندٌ خليلٌ ليصرِما ... على طولِ ما بكَّى بهندٍ وهيَّما
طوى البينُ أسبابَ الوصالِ وحاولتْ ... بكنهلَ أقرانُ الهوَى أنْ تجذَّما
وقدْ كانَ منْ شأنِ الغويّ ظعائنٌ ... رفعنَ الرَّنا والعبقرِيَّ المرَقَّما
كأنَّ حمولَ الحيِّ زلنَ بيانعٍ ... من الواردِ البطحاءِ من نخلِ ملْهَما
سقيتُ دمَ الحيّاتِ ما ذنبُ زائرٍ ... يلمِّ فيعطِي نائلاً أن يكلّما
سقيتُ دمَ الحيّاتِ ما ذنبُ زائِرٍ ... يلمِّ فيعطِي نائلاً أنْ يكلّما
وأحدثُ عهدِي والشَّبابُ كأنَّه ... عسيبٌ نما في ريَّةٍ فتقوَّما
بهندٍ وهندٍ همُّهُ غيرَ أنَّها ... ترى البخلَ والعلاَّتِ في والوعدِ مغنما
لقدْ علقتْ بالنَّفسِ منها علائقٌ ... أبى طولُ هذا الدَّهرِ أن يتصرَّما