جلاجلُ كرجٍ وسبالُ قردٍ ... وزندٌ من قفيرةَ غيرُ وارِ
عرفنا منْ قفيرةَ حاجبيها ... وجذاً في أناملها القصارِ
تدافعنا فقالَ بنو تميمٍ ... كأنَّ القردَ طوحَ منْ طمارِ
أطامعةٌ قيونُ بني عقالٍ ... بعقبي حينَ فاتهمُ حضاري
وقدْ علمتْ بنو وقبانَ أني ... ضبورُ الوعثِ معتزمُ الخبارِ
بيربوعٍ فخرتُ وآلِ سعدٍ ... فلاَ مجديَ بلغتَ ولا فخاري
ليربوعٍ فوارسُ كلّ يومٍ ... تواري شمسهُ رهجُ الغبارِ
عتيبةُ والأحيمرُ وابنُ قيسٍ ... وعتابٌ وفارسُ ذي الخمارِ
ويومَ بني جذيمةَ إذْ لحقنا ... ضحىً بينَ الشعيبةِ والعقارِ
وجوهُ مجاشعٍ طليتْ بلؤمٍ ... يبينُ في المقلدِ والعذارِ
وحالفَ كلَّ جلدِ مجاشعي ... قميصُ اللؤم ليسَ بمستعارِ
لهم أدرٌ يصوتُ في خصاهمْ ... كتصويتِ الجلاجلِ في القطارِ
أغركمُ الفرزدقُ منْ أبيكمْ ... وذكرُ مزادتينِ على حمارِ
وجدنا بيتَ ضبةَ في معدٍّ ... كبيتِ الضبِّ ليسَ لهُ سواري
إذا ما كنتَ ملتمساً نكاحاً ... فلاَ تعدلْ بجمعِ بني ضرارِ
فلاَ يمنعكَ منْ أربٍ لحاهمْ ... سوادٌ والعمامةِ والخمارِ
وإنْ لاقيتَ ضبياً فنكهُ ... فكلُّ رجالهمْ رخوُ الحتارِ
وقال جرير للفرزدق:
ألاَ حيِّ الديارَ بسعدَ أني ... أحبُّ لحبِّ فاطمةَ الديارا
أرادَ الظاعنونَ ليحزنوني ... فهاجوا صدعَ قلبي فاستطارا
لقدْ فاضتْ دموعكَ يومَ قوٍّ ... لبينٍ كانَ حاجتهُ ادكارا
أبيتُ الليلَ أرقبُ كلَّ نجمٍ ... تعرضَ ثمَّ أنجدَ ثمَّ غارا
يحنُّ فؤادهُ والعينُ تلقى ... منَ العبراتِ جولاً وانحدارا
إذا ما حلَّ أهلكِ يا سليمى ... بدارةِ صلصلٍ شحطوا المزارا
فتدلونا القلوبُ إلى هواها ... ويأبى أهلُ جهمةَ أنْ تزارا
كأنَّ مجاشعاً نخباتُ نيبٍ ... هبطنَ الهرمَ أسفلَ منْ سرارا
إذا حلوا زرودَ بنوا عليها ... بيوتَ الذلِّ والعمدَ القصارا
تسيلُ عليهمُ شعبُ المخازي ... وقدْ كانوا لسوأتها قرارا
وهلْ كانَ الفرزدقُ غيرَ قردٍ ... أصابتهُ الصواعقُ فاستدارا
وكنتَ إذا حللتَ بدارِ قومٍ ... ظعنتَ بخزيةٍ وتركتَ عارا
فهلاَّ غرتَ يومَ أرادَ قومٌ ... أصابوا عقرَ جعثنَ أنْ تغارا
أتذكرُ صوتَ جعثنَ إذْ تنادي ... وتنشدكَ القلائدَ والخمارا
ألمْ يخشوا إذا بلغَ المخازي ... على سوءاتِ جعثنَ أنْ تزارا
فإنَّ مجرَّ جعثنَ كانَ ليلاً ... وأعينَ كانَ مقلتهُ نهارا
فلوْ أيامَ جعثنَ كانَ قومي ... همُ قومَ الفرزدقِ ما استجارا
تزوجتمْ نوارَ ولمْ تريدوا ... ليدركَ ثائرٌ بأبي نوارا
فدينكَ يا فرزدقُ دينُ ليلى ... تزورُ القينَ حجاً واعتمارا
يظلُّ القينُ بعدَ نكاحِ ليلى ... يطيرُ على سبالكمُ الشرارا
نكحتُ على البعيثِ فلمْ أطلقْ ... فأجزأتُ التفردَ والضرارا
نشدتكَ يا بعيثُ لتخبرني ... أليلاً نكتَ أمكَ أو نهارا
مريتمْ حربنا لكمُ فدرتْ ... بذي علقٍ وأبطأتِ الغزارا
ألمْ أكُ قد نهيتُ على حفيرٍ ... بني قرطٍ وعلجهمُ شقارا
سأرهنُ يا ابن حاديةِ الروايا ... لكمْ مدَّ الأعنةِ والحضارا
يرى المتعبدونَ عليَّ دوني ... حياضَ الموتِ واللججَ الغمارا
ألسنا نحنُ قدْ علمتْ معدٌّ ... غداةَ الروعِ أجدرَ أنْ تغارا
فوارسنا عتيبةُ وابنُ سعدٍ ... وقوادُ المقانبِ حيثُ سارا
ومنا المعقلانِ وعبدُ قيسٍ ... وفارسنا الذي منعَ الذمارا
فما ترجو النجومَ بنو عقالٍ ... ولا القمرَ المنيرَ إذا استنارا
ونحن الموقدونَ بكلِّ ثغرٍ ... يخافُ بهِ العدوُّ عليكَ نارا
أتنسونَ الزبيرَ ورهنَ عوفٍ ... وعوفاً حينَ غركمُ فخارا
تركتُ القينَ أطوعَ من خصيٍّ ... يعضُّ بأيرهِ المسدَ المغارا
وقال جرير للفرزدق:
سرتِ الهمومُ فبتنَ غيرَ نيامِ ... وأخو الهمومِ يرومُ كلَّ مرامِ