للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذمَّ المنازلَ بعدَ منزلةِ اللوى ... والعيشَ بعدَ أولئكَ الأقوامِ

ضربتْ معارفها الروامسُ بعدنا ... وسجالُ كلِّ مجلجلٍ سجامِ

ولقد أراكِ وأنتِ جامعةُ الهوى ... نثني بعهدك خيرَ دارِ مقامِ

فإذا وقفتُ على المنازلِ باللوى ... فاضتْ دموعي غيرَ ذاتِ سجامِ

طرقتكَ صائدةُ القلوبِ وليسَ ذا ... حينَ الزيارةِ فارجعي بسلامِ

تجري السواكَ على أغرَّ كأنهُ ... بردٌ تحدرَ من متونِ غمامِ

لو كانَ عهدكِ كالذي حدثتنا ... لوصلتِ ذاك فكانَ غيرَ رمامِ

إني أواصلُ منْ أردتُ وصالهُ ... بحبالِ لا صلفٍ ولا لوامِ

ولقد أراني والجديدُ إلى بلىً ... في فتيةٍ طرفِ الحديثِ كرامِ

طلبوا الحمولَ على خواضعَ كالبرى ... يحملنَ كلَّ معذلٍ بسامِ

لولا مراقبةُ العيونِ أريننا ... مقلَ المها وسوالفَ الأرآمِ

ونظرنَ حينَ سمعنَ رجعَ تحيتي ... نظرَ الجيادِ سمعنَ صوتَ لجامِ

كذبَ العواذلُ لو رأينَ مناخنا ... بحزيزِ رامةَ والمطيُّ سوامِ

والعيسُ جائلةُ الغروضُ كأنها ... بقرٌ جوافلُ أو رعيلُ نعامِ

نصي القلوصَ بكلِّ خرقٍ مهمهٍ ... عمقِ الفجاجِ مخرجٍ بقتامِ

يدمى على خدمِ السريحِ أظلها ... والمروُ من وهجْ الظهيرةِ حامِ

باتَ الوسادُ على ذراعِ شملةٍ ... وثنى أشاجعه بفضلِ زمامِ

إنَّ ابنَ آكلةِ النخالةِ قدْ جنى ... حرباً عليهِ ثقيلةَ الأجرامِ

خلقَ الفرزدقُ سوءةً في مالكٍ ... ولخلفُ ضبةَ كانَ شرَّ غلامِ

مهلاً فرزدقُ إنَّ قومكَ فيهمِ ... خورُ القلوبِ وخفةُ الأحلامِ

الظاعنونَ على العمى بجميعهمْ ... والنازلونَ بشرِّ دارِ مقامِ

لوْ غيركمْ علقَ الزبيرَ وحبلهُ ... أدى الجوارَ إلى بني العوامِ

كانَ العنانُ على أبيكَ محرماً ... والكيرُ كانَ عليهِ غيرَ حرامِ

عمداً أعرفُ بالهوانِ مجاشعاً ... إنَّ اللئامَ عليَّ غيرُ كرامِ

تلقى الضفنةَ من بناتِ مجاشعٍ ... تهذي استها بطوارقِ الأحلامِ

وقال جرير يجيب الفرزدق ويجمع معه البعيث والأخطل:

زارَ الفرزدقُ أهلَ الحجازِ ... فلمْ يحظَ فيهمْ ولمْ يحمدِ

وأخزيتَ قومكَ عندَ الحطيمٍ ... وبينَ البقيعينِ والغرقدِ

وجدنا الفرزدقَ بالموسمينِ ... خبيثَ المداخلِ والمشهدِ

نفاكَ الأغرُّ ابنُ عبدِ العزيزِ ... بحقكَ تنفى عنِ المسجدِ

وشبهتَ نفسكَ أشقى ثمودَ ... فقالوا ضللتَ ولمْ تهتدِ

وقد أجلوا حينَ حلَّ العذابُ ... ثلاثَ ليالٍ إلى الموعدِ

وشبهتَ نفسكَ حوقَ الحمارِ ... خبيثَ الأواريِّ والمرودِ

وجدنا جبيراً أبا غالبٍ ... بعيدَ القرابةِ منْ معبدِ

أتجعلُ ذاك الكيرِ منْ مالكٍ ... وأينَ سهيلٌ منَ الفرقدِ

وعرقُ الفرزدقِ شرُّ العروقِ ... خبيثُ الثرى كابيُ الأزندِ

وأوصى جبيرٌ إلى غالبٍ ... وصيةَ ذي الرحمِ المجهدِ

فقالَ ارفقنَّ بليِّ الكتيفِ ... وحكِّ المشاعبِ بالمبردِ

وجعثنُ حطَّ بها المنقريُّ ... كرجعِ يدِ الفالجِ الأحردِ

تثاءبُ منْ طولِ ما أبركتْ ... تثاؤبَ ذي الرقيةِ الأدردِ

فهلاَّ ثأرتَ ببنتِ القيون ... وتتركُ شوقاً إلى مهددِ

وهلاَّ ثأرتَ بحلِّ النطاقِ ... ودقِّ الخلاخلِ والمعضدِ

فأصبحتَ تفقرُ آثارهمْ ... ضحىً مشيةَ الجاذفِ الأعقدِ

كليلاً وجدتمْ بني منقرٍ ... سلاحَ قتيلكمُ المسندِ

تقولُ نوارُ فضحتَ القيونَ ... فليتَ الفرزدقَ لمْ يولدِ

وفاتَ الفرزدقُ بالكلبتينِ ... وعدلٍ منَ الحممِ الأسودِ

فرقعْ لجدكَ أكيارهُ ... وأصلحْ متاعكَ لا يفسدِ

وأدنِ العلاةَ وأدنِ القدومَ ... ووسعْ لكيركَ في المقعدِ

قرنتُ البعيثَ إلى ذي الصليبِ ... معَ القينِ في المرسِ المحصدِ

وقد قرنوا حين جدَّ الرهانُ ... بسامٍ إلى الأمدِ الأبعدِ

يقطعُ بالجري أنفاسهمْ ... بثنيِ العنانِ ولمْ يجهدِ

<<  <   >  >>