للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنا أناسٌ نحبُّ الوفاءَ ... حذارَ الأحاديثِ في المشهدِ

ولا نحتبي عند عقدِ الجوارِ ... بغيرِ النجادِ ولا نرتدي

شددتمْ حباكمْ على غدرةٍ ... بجيشانَ والسيفُ لمْ يغمدِ

فلما احتبيتَ وأنتَ الذليلُ ... قعدتَ على استٍ لدى قعددِ

فبعداً لقومٍ أجاروا الزبيرَ ... وأما الزبيرُ فلمْ يبعدِ

أعبتَ فوارسَ يومِ الغبيطِ ... وأيامَ بشرِ بني مرثدِ

ويوماً ببلقاءَ يا ابنَ القيونِ ... شهدنا الطعانَ ولمْ تشهدِ

فصبحنَ أبجرَ والحوفزانَ ... بوردٍ مشيحٍ على الذودِ

ويومَ البحيرينِ ألحقننا ... لهنَّ أخاديدُ في القرددِ

نعضُّ السيوفُ بهامِ الملوكِ ... ونشفي الطماحَ منَ الأصيدِ

وقال جرير للفرزدق لما تزوج حدراء بنت زيق بن بسطام بن قيس بن مسعود بن قيس بن خالد بن عبد الله بن عمرو بن الحارث بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان وكان أبوها نصرانيا، وأراد الفرزدق أن يغيظ النوار بنت عين بن صنيعة بن ناجية بن عقال وكان الفرزدق تزوجها أعني النوار فأخبرت النوار جريراً بذلك وشكت الفرزدق إليه، فقال: أنا أكفيكه وقال:

لستُ بمعطي الحكمَ منْ شفِّ منصبٍ ... ولا عنْ بناتِ الحنظلينَ راغبُ

أراهنَّ ماءَ المزنِ يشفى بهِ الصدى ... وكانتْ ملاحاً غيرهنَّ المشاربُ

لقدْ كنتَ أهلاً أن تسوقَ دياتكمْ ... إلى آلِ زيقٍ أنْ يعيبكَ عائبُ

وما عدلتْ ذاتُ الصليبِ ظعينةٌ ... عتيبةُ والردفانِ منها وحاجبُ

ألا ربما لمْ نعطِ زيقاً بحكمهِ ... وأدى إلينا الحكمَ والغلُّ لازبُ

حوينا أبا زيقٍ وزيقاً وعمهُ ... وجدةُ زيقٍ قد حوتها المقانبُ

ألمْ تعرفوا يا آلِ زيقٍ فوارسي ... إذا اغبرَّ منْ كرِّ الطرادِ الحواجبُ

حوتْ هانئاً يومَ الغبيطينِ خيلنا ... وأدركنَ بسطاماً وهنَّ شوازبُ

صبحناهمُ جرداً كأنَّ غبارها ... شآبيبُ صيفٍ يزدهينَّ حاصبُ

بكلِّ ردينيٍّ يطاردُ متنهُ ... كما اختبَّ سيدٌ بالمراضينِ لاغبُ

جزى اللهُ زيقاً وابنَ زيقٍ ملامةٌ ... على أنني في ودِّ شيبانَ راغبُ

أأهديتَ يا زيقَ بنَ زيقٍ غريبةٌ ... إلى شرِّ من تهدى إليه الغرائبُ

فأمثلُ ما في صهركمْ أنَّ صهركمْ ... مجيدٌ لكم ليَّ الكتيفِ وشاعبُ

عرفناكَ منْ حوقِ الحمارِ لخبثةٍ ... وكانَ لضماتٍ منَ القينِ غالبُ

بني مالكٍ أدوا إلى القينِ حقهُ ... وللقينِ حقٍّ في الفرزدقِ واجبُ

أثائرةٌ حدراءُ منْ جرَّ بالنقا ... وهلْ في بني حدراءَ للوترِ طالبُ

أتثأرُ بسطاماً إذا ابتلتِ استها ... وقد بولتْ في مسمعيهِ الثعالبُ

ذكرتَ بناتِ الشمسِ والشمسُ لمْ تلدْ ... وأيهاتَ من حوقِ الحمارِ الكواكبُ

ولو كنتَ حراً كانَ عشرٌ سياقةً ... إلى آلِ زيقٍ والوصيفُ المقاربُ

وقال يجيب الفرزدق:

أقمنا وربتنا الديارُ ولا أرى ... كمربعنا بين الحنيينِ مربعا

ألا حبَّ بالوادي الذي ربما نرى ... بهِ منْ جميعِ الحيِّ مرأى ومسمعا

ألا لا تلوما القلبَ أنْ يتخشعا ... فقدْ هاجتِ الأحزانُ قلباً مفزعا

وجودا لهندٍ بالكرامةِ منكما ... وما شئتما أنْ تمنعا بعدُ فامنعا

وما حفلتْ هندٌ تعرضَ حاجتي ... ولا نومَ عينيَّ الغشاشَ المروعا

بنفسي منْ جارٍ على غربةِ النوى ... أرادَ بسلمانينَ بيناً فودعا

كأنَّ غماماً في الخدورِ التي غدتْ ... دنا ثمَّ هزتهُ الصبا فترفعا

فليتَ ركابَ الحيّ يومَ تحملوا ... بحومانةِ الدراجِ أصبحنَ ظلعا

بني مالكٍ إنَّ الفرزدقَ لمْ يزلْ ... فلوَّ المخازي مذْ لدنْ أنْ تيفعا

رميتُ ابنَ ذي الكيرين حتى تركتهُ ... قعودَ القوافي ذا علوبٍ موقعا

وفقأتُ عينيْ غالبٍ عندَ كيرهِ ... وأقلعتُ عنْ أنفِ الفرزدقِ أجدعا

مددتُ لهُ الغاياتِ حتى نخستهُ ... جريحَ الذنابى قانيءَ السنِ مقطعا

ضغا قردكمْ لما اختطفتُ فؤادهُ ... ولابنِ وثيلٍ كان خدكَ أضرعا

<<  <   >  >>