وما غرَّ أولادَ القيونَ مجاشعا ... بذي صولةٍ يحمي العرينَ الممنعا
ويا ليت شعري ما تقولُ مجاشعٌ ... ولمْ تترك كفاكَ في القوسِ منزعا
وأيةُ أحلامٍ رددنَ مجاشعاً ... يعلونَ ذيفاناً منَ السمِّ منقعا
ألا ربما باتَ الفرزدقُ نائماً ... على حرِّ نارٍ تتركُ الوجهَ أسفعا
وكانَ المخازي طالما نزلتْ بهِ ... فيصبحُ منها قاصرَ الطرفِ أخضعا
وإنَّ ذيادَ الليلِ لا تستطيعهُ ... ولا الصبحَ حتى يستنيرَ فيسطعا
تركتُ لك القينين قينيْ مجاشعٍ ... ولا يأخذانِ النصفَ شتى ولا معا
وقدْ وجداني حينَ مدتْ حبالنا ... أشدَّ محاماةٌ وأبعدَ منزعا
وإني أخو الحربِ التي يصطلى بها ... إذا حملتهُ فوقَ حالٍ تشنعا
وأدركتُ منْ قدْ كانَ قبلي ولمْ أدعْ ... لمنْ كانَ بعدي في القصائدِ مصنعا
تفجعَ بسطامٌ وخبرهُ الصدى ... وما يمنعُ الأصداءَ ألاَّ تفجعا
وقالَ أقينٌ باشرَ الكيرَ باسته ... وأغرلَ ربتهُ قفيرةُ مسبعا
سيتركُ زيقٌ صهرَ آلِ مجاشعٍ ... ويمنعُ زيقٌ ما أرادَ ليمنعا
أتعدلُ مسعوداً وقيساً وخالداً ... بأقيانِ ليلى لا نرى ذاكَ مقنعا
ولما غررتمْ منْ أناسٍ كريمةً ... لؤمتمْ وضقتمْ بالكرائمِ أذرعا
فلولاَ تلاقوا يومَ حدراءَ قومها ... لوسدها كيرَ القيونِ المرقعا
رأى القينُ أختانَ الشناءةِ قدْ جنوا ... منَ الحربِ جرباءَ المساعرِ سلفعا
وإنكَ لو راجعتَ شيبانَ بعدها ... لأبتَ بمصلومِ الخياشيمِ أجدعا
إذا فوزتْ عن نهربينَ تقاذفتْ ... بحدراءَ دارٌ لا تريدُ لتجمعا
وأضحتْ ركابُ القينَ منْ خيبةِ السرى ... ونقلِ حديدِ القينِ حسرى وظلعا
وحدراءُ لوْ لمْ ينجها اللهُ برزتْ ... إلى شرِّ ذي حرثٍ دمالاً ومزرعا
وقدْ كانَ رجساً طهرتْ منْ جماعةٍ ... وآبَ إلى شرِّ المضاجعِ مضجعا
وآبَ إلى خوارةِ منْ مجاشعٍ ... هي الجفرُ بلْ كانتْ منَ الجفرِ أوسعا
متى تسمعِ الجيرانُ قبقبةَ استها ... طروقاً وضيفاها الدخيلانَ يفزعا
فإنَّ لكمْ في شأنِ حدراءَ ضيعةٌ ... وجارُ بني زغدِ استها كانَ أضيعا
حميدةُ كانتْ للفرزدقِ جارةً ... ينادمُ حوطاً عندها والمقطعا
سأذكرُ ما لمْ يذكروا عندَ منقرٍ ... وأثني بعارٍ منْ حميدةَ أشنعا
وجعثنُ نادتْ باستها يالَ دارمٍ ... فلمْ يلقَ حراً ذا شكيمٍ مشجعا
تناومتَ إذْ يسمُو أريبُ ابنُ عسعسٍ ... على سوأةٍ راءى بها ثمَّ سمعا
تعسفتِ السيدانَ تدعو مجاشعاً ... وجرتْ إلى قيسٍ خشاخشَ أجمعا
لقدْ ولدتْ أمُّ الفرزدقِ فخةٌ ... ترى بينَ رجليها مناحيَ أربعا
وقدْ جرجرتهُ الماءَ حتى كأنها ... تعالجُ في أقصى وجارينِ أضبعا
ولوْ حملتْ بالفيلِ ثمتَ طرقتْ ... بفيلينِ جاءا منْ مثابرها معا
ولوْ دخنتْ بعدَ العشاءِ بمجمرِ ... لما انصرفتْ حتى تبولَ وتضفعا
لقدْ أولعتْ بالقينِ خورُ مجاشعٍ ... وكانَ بها قينُ العديلةِ مولعا
تركتمْ جبيراً عندَ ليلى خليفةً ... أصعصعَ بئسَ القينُ قينكَ صعصعا
وما حفلتْ ليلى ملامةَ رهطها ... ولا حفظتْ سرَّ الحصانِ الممنعا
دعاكمْ حواريُّ الرسولِ فكنتمُ ... عضاريطَ يا خشبَ الخلافِ المصرعا
أبانَ لكمُ في غالبٍ قدْ علمتمُ ... نجارُ جبيرٍ قبلَ أنْ يتنفعا
أغركَ جارٌ ضلَّ قائمُ سيفهِ ... فلاَ رجعَ الكفانِ إلاَّ مكنعا
وآبَ ابنُ ذيالٍ جميعاً وأنتمُ ... تعدونَ غنماً رحلهُ المتمزعا
فلاَ تدعُ جاراً منْ عقالٍ ترى لهُ ... ضواغطَ يلثقنَ الإزارَ وأضرعا
فلاَ قينَ شرٌّ منْ أبي القينِ غالبٍ ... ولاَ لؤمَ إلاَّ دونَ لؤمكَ صعصعا
تعدونَ عقرَ النيبِ أفضلَ سعيكمْ ... بني ضوطرى هلاَّ الكميَّ المقنعا
وتبكي على ما فاتَ قبلكَ دارماً ... فإنْ تبكِ لا تتركْ لعينيكَ مدمعا
لعمركَ ما كانتْ حماةُ مجاشعٍ ... كراماً ولا حكامُ ضبةَ مقنعا