للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا اغبرَّ آفاقُ السماءِ وكشفتْ ... كسورَ بيوتِ الحيِّ حمراءُ حرجفُ

وهتكتِ الأطنابَ كلُّ غليظةٍ ... لها تامكٌ منْ صادقِ النيِّ أعرفُ

وجاء قريعُ الشولِ قبلَ إفالها ... يزفُّ وجاءتْ خلفهُ وهيَ زففُ

وباشرَ راعيها الصلى بلبانهِ ... وكفيهِ حرَّ النارِ ما يتحرفُ

وأوقدتِ الشعرى معَ الليلِ نارها ... وأمستْ محولاً جلدها يتوسفُ

فأصبحَ مبيضُّ الصقيعِ كأنهُ ... على سرواتِ النيبِ قطنٌ مندفُ

وقاتلَ كلبُ الحيِّ عنْ نارِ أهلهِ ... ليربضَ فيها والصلا متكنفُ

وجدتُ الثرى فينا إذا يبسَ الثرى ... ومنْ هوَ يرجو فضلهُ المتضيفُ

ترى جارنا فينا يجيرُ وإنْ جنى ... فلا هوَ مما ينطفُ الجارَ ينطفُ

ويمنعُ مولانا وإنْ كانَ نائياً ... بنا جارهُ مما يخافُ ويأنفُ

وقدْ علمَ الجيرانُ أنَّ قدورنا ... ضوامنُ للأرزاقِ والريحُ زفرفُ

نعجلُ للضيفانِ في المحلِ بالقرى ... قدوراً بمعبوطٍ تمدُّ وتغرفُ

تفرغُ في شيزى كأنَّ جفانها ... حياضُ جبى منها ملاءٌ ونصفُ

ترى حولهنَّ المعتفينَ كأنهمْ ... على صنمٍ في الجاهليةِ عكفُ

قعوداً وخلفَ القاعدينَ شطورهمْ ... جنوحٌ وأيديهمْ حمودٌ ونطفُ

وما حلَّ منْ جهلٍ حبى حلمائنا ... ولا قائلُ المعروفِ فينا يعنفُ

وما قامَ منا قائمٌ في ندينا ... فينطقَ إلاَّ بالتي هيَ أعرفُ

وإني لمنْ قومٍ بهمْ يتقى العدى ... ورأبُ الثأى والجانبُ المتخوفُ

وأضيافِ ليلٍ قدْ نقلنا قراهمُ ... إلينا فأتلفنا المنايا وأتلفوا

قريناهمُ المأثورةَ البيضَ قبلها ... تثجُّ العروقَ الأيزنيُّ المثقفُ

ومسروحةٍ مثلِ الجرادِ يسوقها ... ممرٌّ قواهُ والسراءُ المعطفُ

فأصبحَ في حيثُ التقينا شريدهمْ ... طليقٌ ومكتوفُ اليدينِ ومزعفُ

ولا نستجمُّ الخيلَ حتى نعيدها ... غوانمَ منْ أعدائنا وهيَ زحفُ

كذلكَ كانتْ خيلنا مرةً ترى ... سماناً وأحياناً تقادُ فتعجفُ

عليهنَّ منا الناقضونَ ذحولهمْ ... فهنَّ بأعباءِ المنيةِ كتفُ

مداليقُ حتى يأتيَ الصارخُ الذي ... دعا وهوَ بالثغرِ الذي هوَ أخوفُ

وكنا إذا نامتْ كليبٌ عنِ القرى ... إلى الضيفِ نمشي بالعبيطِ ونلحفُ

وقدرٍ فثأنا غليها بعدما غلتْ ... وأخرى حششنا بالعوالي تؤثفُ

فكلُّ قرى الأضيافِ نقري منَ القنا ... ومعتبطٍ فيهِ السنامُ المسدفُ

ولوْ تشربُ الكلبى المراضُ دماءنا ... شفتها وذو الداءِ الذي هوَ أدنفُ

من الفائقِ المحبوسِ عنهُ لسانهُ ... يفوقُ وفيهِ الميتُ المتكنفُ

وجدنا أعزَّ الناسِ أكثرهمْ حصىً ... وأكرمهمْ منْ بالمكارمِ يعرفُ

وكلتاهما فيهِ إلى حيثُ تلتقي ... عصائبُ لاقى بينهنَّ المعرفُ

منازيلُ عنْ ظهر القليلِ كثيرنا ... إذا ما دعا في المجلسِ المتردفُ

فلقنا الحصى عنهُ الذي فوقَ ظهرهِ ... بأحلامِ جهالٍ إذا ما تغضفوا

على سورةٍ حتى كأنَّ عزيزها ... يرى ما بهِ منْ بينِ نيقينِ نفنفُ

وجهلٍ بحلمٍ قدْ دفعنا جنونهُ ... وما كانَ لولا حلمنا يتزحلفُ

رجحنا بهمْ حتى استثابوا حلومهمْ ... بنا بعدما كانَ القنا يتقصفُ

ومدتْ بأيدينا النساءُ ولمْ يكنْ ... لذي حسبٍ عنْ قومهِ متخلفُ

كفيناهمُ ما نابهمْ بحلومنا ... وأموالنا والقومُ بالنبلِ دلفُ

وقدْ أرشدوا الأوتارَ أفواقَ نبلهمْ ... وأنيابُ نوكاهمْ منَ الحردِ تصرفُ

فلا أحدٌ في الناسِ يعدلُ دارنا ... بعزٍّ ولا قومٌ لهُ حينَ يجنفُ

تثاقلُ أركانٌ عليهِ ثقيلةٌ ... كأركانِ سلمى أوْ أعزُّ وأكثفُ

لنا العزةُ الغلباءُ والعددُ الذي ... عليهِ إذا عدَّ الحصى يتحلفُ

ولا عزَّ إلاَّ عزنا قاهرٌ لهُ ... ويسألنا النصفَ الذليلَ فينصفُ

ومنا الذي لا ينطقُ الناسُ عندهُ ... ولكنْ هوَ المستأذنُ المتنصفُ

تراهمْ قعوداً حولهُ وعيونهمْ ... مكسرةٌ أبصارها ما تصرفُ

<<  <   >  >>