للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبيتانِ بيتُ اللهِ نحنُ ولاتهُ ... وبيتٌ بأعلى إيلياءَ مشرفُ

لنا حيثُ آفاقُ البريةِ يلتقي ... عميدُ الحصى والقسوريُّ المخندفُ

إذا هبطَ الناسُ المعرفَ من منى ... عشيةَ يومِ النحرِ منْ حيثُ عرفوا

ترى الناسَ ما سرنا يسيرونَ خلفنا ... وإنْ نحنُ أوبأنا إلى الناسِ وقفوا

ألوفُ ألوفٍ منْ دروعٍ ومن قناً ... وخيلٌ كريعانِ الجرادِ وحرشفُ

وإنْ نكثوا يوماً ضربنا رقابهمْ ... على الدينِ حتى يقبلَ المتألفُ

فإنكَ إذْ تسعى لتدركَ دارماً ... لأنتَ المعنى يا جريرُ المكلفُ

أتطلبُ منْ عندَ النجومِ وفوقها ... بربقٍ وعيرٍ ظهرهُ متقرفُ

وشيخينِ قدْ ناكا ثمانينَ حجةً ... أتانيهما هذا ملحٌّ ويجرفُ

أرى لجريرٍ رهطَ سوءٍ أذلةً ... وعرضٌ لئيمٌ للمخازي موقفُ

وأما أقرتْ منْ عطيةَ رحمها ... بأخبثِ ما كانتْ لهُ الرحمُ تنشفُ

إذا سلختْ عنها أمامةُ درعها ... وأعجبها رابٍ إلى البطنِ مهدفُ

قصيرٌ كأنَّ التركَ منهُ جباهها ... خنوقٌ لأعناقِ الجرادينِ أكشفُ

تقولُ وصكتْ خدَّ حرى مغيظةٍ ... على البعلِ غيرى ما تزالُ تلهفُ

أما منْ كليبيٍّ إذا لمْ تكنْ لهُ ... أتانانِ يستغني ولا يتعففُ

إذا ذهبتْ مني بزوجي حمارةٌ ... فليسَ على ريح الكليبيِّ مأسفُ

على مثلِ عبدٍ ما أتى مثلَ ما أتى ... مصلٍّ ولا منْ أهلِ ميسانَ أقلفُ

إذا ما احتبتْ لي دارمٌ عندَ غايةٍ ... جريتُ إليها جريَ منْ يتغطرفُ

كلانا لهُ قومٌ همُ يحلبونهُ ... بأحسابهمْ حتى يرى منْ يخلفُ

إلى أمدٍ حتى يزايلَ بينهمْ ... ويوجعَ بالنخسِ الذي هوَ أقرفُ

عطفتُ عليكَ الحربَ إني إذا ونى ... أخو الحربِ كرارٌ على القرنِ معطفُ

تبكي على سعدٍ وسعدٌ مقيمةٌ ... بيبرينَ منهمْ منْ يزيدُ ويضعفُ

على من وراءَ المرجِ لوْ دكَّ عنهمُ ... لماجوا كما ماجَ الجرادُ وطوفوا

فهمْ يعدلونَ الأرضَ لولاهمُ استوتْ ... على الناسِ أوْ كادتْ تسيرُ فتنسفُ

ولوْ أنَّ سعداً أقبلتْ منْ بلادها ... لجاءتْ بيبرينَ الليالي تزحفُ

وقال الفرزدق لجرير:

سمونا لنجرانَ اليماني وأهلهِ ... ونجرانُ أرضٌ لم تديثْ مقاولهْ

بمختلفِ الأصواتِ تسمعُ وسطهُ ... كرزِّ القطا لا يفقهُ الصوتَ قائلهْ

لنا أمرهُ لا تعرفُ البلقُ وسطهُ ... كثيرُ الوغا منْ كلِّ حيٍّ قبائلهْ

كأنَّ بناتِ الحارثيينَ وسطهمْ ... ظباءُ صريمٍ لمْ تفرجْ غياطلهْ

إذا حانَ منهُ منزلُ الليلِ أوقدتْ ... لأخراهُ في أعلى اليفاعِ أوائلهْ

يظلُّ بهِ الأرضُ الفضاءُ معضلاً ... وتجهرُ أسدامَ المياهِ قنابلهْ

ترى عافياتِ الطيرِ قدْ وثقتْ لها ... قديماً منَ النخلِ العتاقِ منازلهْ

وأهلُ حنونا منْ مرادٍ قد أدركتْ ... وجرماً بوادٍ خالطَ البحرَ ساحلهْ

صبحناهمُ الجردَ الجيادَ كأنها ... قطاً أفزعتهُ يومَ دجنٍ أجادلهْ

ألا إنَّ ميراثَ الكليبيِّ لابنهِ ... إذا ماتَ ربقاً ثلةٍ وحبائلهْ

فأقبلْ على ربقيْ أبيكَ فإنما ... لكلِّ امرئٍ ما أورثتهُ أوائلهْ

تسربلَ ثوبَ اللؤمِ في بطنِ أمهِ ... ذراعاهُ منْ أشهادهِ وأناملهْ

كما شهدتْ أيدي المجوسِ عليهمُ ... بأعمالهمْ والحقُّ تبدو محاصلهْ

عجبتُ لقومٍ يدعونَ إلى أبي ويهجونني والدهرُ جمٌّ مجاهلهْ

أتاني على القعساءِ عادلَ وطبهِ ... برجليْ هجينٍ واستِ عبدٍ يعادلهْ

فقلتُ لهُ ردِّ الحمارَ فإنهُ ... أبوكَ لئيمٌ رأسهُ وجحافلهْ

يسيلُ على شدقيْ جريرٍ لعابهُ ... بشلشالِ وطبٍ ما تجفُّ شلاشلهْ

ليغمزَ عزاً قدْ عسا عظمُ رأسهِ ... قراسيةً كالفحلِ يصرفُ بازلهْ

بناهُ لنا الأعلى وطالتْ فروعهُ ... فأعياكَ واشتدتْ عليكَ أسافلهْ

فلا أنتَ مسطيعٌ أبوكَ ارتقاءهُ ... ولا أنتَ عما قدْ بنى اللهُ عادلهْ

فإنْ كنتَ ترجو أنْ توازنَ دارماً ... فرمْ حضناً فانظرْ متى أنتَ ناقلهْ

<<  <   >  >>