للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأرسلَ يرجو ابنُ المراغةِ صلحنا ... فردَّ ولمْ ترجعْ بنجحٍ رسائلهْ

ولاقى شديدَ الدرءِ مستحصدَ القوى ... تفرقُ بالعصيانِ عنهُ عواذلهْ

إلى كلَّ قومٍ قدْ خطبنا بناتهمْ ... بأرعنَ مثلِ الطودِ جمٍّ صواهلهْ

إذا ما التقينا أنكحتنا رماحنا ... منَ الحيِّ ابكاراً كراماً عقائلهْ

وبنتِ كريمٍ قدْ خطبنا ولمْ يكنْ ... لها خاطبٌ إلاَّ السنانُ وعاملهْ

وأنتمْ عضاريطُ الخميسِ عتادكمْ ... إذا ما غدا أرباقهُ وحمائلهْ

وإنا لمشاؤونَ تحتَ لوائنا ... حمانا إذا ما عاذَ بالسيفِ حاملهْ

وقالتْ كليبٌ قمشوا لأخيكمُ ... ففروا بهِ إنَّ الفرزدقَ آكلهْ

فهلْ أحدٌ يا بنَ المراغةِ هاربٌ ... منَ الموتِ إنَّ الموتَ لا بدَ نائلهْ

وإني أنا الموتُ الذي هوَ ذاهبٌ ... بنفسكَ فانظرْ كيفَ أنتَ محاولهْ

أتحسبُ قلبي خارجاً منْ حجابهِ ... إذا دفُّ عبادٍ أرنتْ جلاجلهْ

فقلتُ ولمْ أقتلكَ أما ابنُ مالكٍ ... لأيِّ فتى ماءُ السماءِ جعائلهْ

أفي قمليٍّ منْ كليبٍ هجوتهُ ... أبو جهضمٍ تغلي عليَّ مراجلهْ

أحارثُ داري مرتينْ هدمتها ... وكنتَ ابنَ أختٍ لا تخافُ غوائلهْ

وأنتَ امرؤُ بطحاءُ مكةَ لمْ يزل ... بها منكمُ معطي الجزيلِ وفاعلهْ

فقلنا لهُ لا تشمتنَّ عدونا ... ولا تنسَ منْ أصحابنا ما نواصلهْ

فقبلكَ ما أعييتُ كاسرَ عينهِ ... زياداً فلمْ تقدرْ عليَّ حبائلهْ

فأقسمتُ لا آتيهِ تسعينَ حجةً ... ولوْ كسرتْ عسُّ القباعِ وكاهلهْ

فما كانَ شيءٌ كانَ مما يحبهُ ... منَ الغشِّ إلاَّ قدْ أبانتْ شواكلهْ

فإنْ تهدموا داري فإنَّ أرومتي ... لها باذخٌ لا ابنُ المراغةِ نائلهْ

أبي حسبٌ عودٌ رفيعٌ وصخرةٌ ... إذا قرعتْ لمْ تستطعها معاولهْ

وقدْ منيتْ مني كليبٌ بضيغمٍ ... ثقيلٍ على الحبلى جريرٍ كلاكلهْ

تصاغرتَ يا بنَ الكلبِ لما رأيتني ... معَ الشمسِ في صعبٍ عزيزٍ معاقلهْ

هزبرٍ هريتِ الشدقِ رئبالِ غابةٍ ... إذا سارَ عزتهُ يداهُ وكاهلهْ

عزيزٍ عنِ اللاتي تنازلُ قرنهُ ... وقدْ ثكلتهُ أمهُ منْ ينازلهْ

وإنَّ كليباً إذْ أتتني بعبدها ... كمنْ غرهُ حتى رأى الموتَ باطلهْ

رجوا أنْ يردوا عنْ جريرٍ بدرعهِ ... نوافذَ ما أرمي وما أنا قائلهْ

عجبتُ لراعي الضأنِ في حطميةٍ ... وفي الدرعِ عبدٌ قدْ أصيبتْ مقاتلهْ

وهلْ يلبسُ الحبلى السلاحَ وبطنها ... إذا انتطقتْ عبءٌ عليها تعادلهْ

أفاخَ وألقى الدرعَ عنهُ ولمْ أكنْ ... لألقيَ درعي منْ كميٍّ أقاتلهْ

ألمْ ترَ ما يلقى جريرٌ منِ استهِ ... إذا احتضرتْ حقويْ جريرٍ قوابلهْ

يقلنَ لهُ داركْ زحيركَ واسترحْ ... فإن لا تجئْ سرحاً فإنكَ قاتلهْ

ملأتُ استهُ ماءً فإنْ لا يفضْ بهِ ... يكنْ ولداً ما إنْ يضعهُ مهابلهْ

ألستَ ترى يا بنَ المراغةِ ضامناً ... لما أنتَ في أضعافِ بطنكَ حاملهْ

وقدْ علمَ الأقوامُ حولي وحولكمْ ... بني الكلبِ أني رأسُ عزٍّ وكاهلهْ

ألمْ تعلموا أني ابنُ صاحبِ صوأرٍ ... وعندي حساما سيفهِ وحمائلهْ

تركنا جريراً وهوَ في السوقِ حابسٌ ... عطيةَ هلْ يلقى بهِ منْ يبادلهْ

فقالوا لهُ ردِّ الحمارَ فإنهُ ... أبوكَ لئيمٌ رأسهُ وجحافلهْ

وأنتَ حريصٌ أنْ يكونَ مجاشعٌ ... أباكَ ولكنَّ ابنهُ عنكَ شاغلهْ

وما ألبسوهُ الدرعَ حتى تزيلتْ ... منَ الخزي دونَ الجلدِ منهُ مفاصلهْ

وهلْ كانَ إلا ثعلباً راضَ نفسهُ ... بموجٍ تسامى كالجبالِ مجاولهْ

ضغا ضغوةً في البحرِ لما تغطمطتْ ... عليهِ أعالي موجهِ وأسافلهْ

وأصبحَ مطروحاً وراءَ غثائهِ ... بحيثُ التقى منْ ماحج البحرِ ساحلهْ

وهلْ أنتَ إذْ فاتتكَ مسعاةُ دارمٍ ... وما قدْ بنى آتٍ كليباً فقاتلهْ

فخرتَ بشيخٍ لمْ يلدكَ ودونهُ ... أبٌ لكَ يخفي شخصهُ ويضائلهْ

فللهِ عرضي إنْ جعلتُ كريمهُ ... إلى صاحبِ المعزى الموقعِ كاهلهْ

<<  <   >  >>