للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصعصعةَ المجيرِ على المنايا ... بذمتهِ وفكاكِ العناتِ

وصاحبِ صوأرٍ وأبي شريحٍ ... وسلمى منْ دعائمَ ثابتاتِ

بناها الأقرعُ الباني المعالي ... ومرةُ في بواذخَ شامخاتِ

لقيطٌ منْ دعائمها ومنهمْ ... زرارةُ ذو الندى والمكرماتِ

وبالعمرينِ والضمرينِ نبني ... دعائمَ مجدهنَّ مشيداتِ

دعائمها أولاكَ وهمْ بنوها ... فمنْ مثلُ الدعائمِ والبناتِ

أولاكَ لدارمٍ وبني عويفٍ ... لخير أبٍ وأكرمِ أمهاتِ

جزعتَ إلى هجاءِ بني نميرٍ ... وخليتَ استَ أمكَ للرماتِ

فأبصرني وأمكَ حينَ أرمي ... مشقَّ عجانها بالباقراتِ

وتمسي نسوةٌ لبني كليبٍ ... بأفواهِ الأزقةِ مقعياتِ

زوايا سكةٍ نبتتْ حديثاً ... بأخبثِ منبتٍ شرِّ النباتِ

يبعنَ فروجهنَّ بكلِّ فلسٍ ... كبيعِ السوقِ خذْ مني وهاتِ

بأحراحٍ خبيثاتِ الملاقي ... شمطنَ وهنَّ غيرُ مختناتِ

تخالُ بظورهنَّ إذا أنيختْ ... على ركباتهنَّ مخوياتِ

أيورَ الخيلِ قدْ سقطتْ خصاها ... بأطرافِ المفاوزِ لاغباتِ

كبرنَ وهنَّ أزنى منْ قرودٍ ... وأنجسُ منْ نساءٍ مشركاتِ

ألا قبحَ الإلهُ بني كليبٍ ... أكيلبَ ثلةٍ متعاظلاتِ

ترى أرباقهمْ متقلديها ... إذا صدئَ الحديدُ على الكماتِ

فما لكَ لا تعدُّ بني كليبٍ ... وتندبُ غيرهمْ بالمأثراتِ

وفخركَ يا جريرُ وأنتَ عبدٌ ... لغيرِ أبيكَ إحدى المنكراتِ

تعنى يا جريرُ لغيرِ شيءٍ ... وقدْ ذهبَ القصائدُ بالرواتِ

فكيف تردُ ما بعمانَ منها ... وما بجبالِ مصرَ مشهراتِ

غلبتكَ بالمفقئِ والمعني ... وبيتِ المحتبي والخافقاتِ

يريد بالمفقئ قوله:

ولستَ وإنْ فقأتَ عينيكَ واجداً ... أباً عنْ كليبٍ أوْ أباً مثلَ دارمِ

والمعني قوله:

فإنكَ إذ تسعى لتدركَ دارماً ... لأنتَ المعنى يا جريرُ المكلفُ

ويريد بالمحتبي قوله:

بيتٌ زرارةُ محتبٍ بفنائهِ ... ومجاشعٌ وأبو الفوارسِ نهشلُ

ويريد بالخافقات قوله:

وأينَ تقضي المالكانِ أمورها ... بحقٍ وأينَ الخافقاتُ اللوامعُ

وقال الفرزدق يجيب جريراً:

إنْ تكُ كلباً منْ كليبٍ فإنني ... منَ الدارميينَ الطوالِ الشقاشقِ

نظلُّ ندامى للملوكِ وأنتمُ ... تمشونَ بالأرباقِ ميلَ العواتقِ

وإنا لتروى بالأكفِّ رماحنا ... إذا أرعشتْ أيديهمِ بالمعالقِ

وإنَّ ثيابَ الملكِ في آلِ دارمٍ ... وهمْ ورثوها لا كليبُ النواهقِ

ثيابُ أبي قابوسَ أورثها ابنهُ ... وأورثناها عنْ ملوكِ المشارقِ

وإنا لتجري الخمرُ بينَ سراتنا ... وبينَ أبي قابوسَ فوقَ النمارقِ

لدنْ غدوةً حتى نروحَ وتاجهُ ... علينا وذاكي المسكِ فوقَ المفارقِ

كليبٌ وراءَ الناسِ ترمى رؤوسها ... عنِ المجدِ ما تدنو لبابِ السرادقِ

وإنَّ ثيابي منْ ثيابِ محرقٍ ... ولمْ أستعرها منْ معاعٍ وناعقِ

يظلُّ لنا يومانِ يومٌ نقيمهُ ... ندامى ويومٌ في ظلالِ الخوافقِ

ولوْ كنتَ تحتَ الأرضِ شقَّ جديدها ... قوافيَّ عنْ كلبٍ معَ اللحدِ لاصقِ

خرجنَ كنيرانِ الشتاءِ عواصياً ... إلى أهلِ دمخٍ منْ وراءِ المخارقِ

على شأوِ أولاهنَّ حتى تنازعتْ ... بهنَّ رواةٌ منْ تنوخٍ وغافقِ

ونحنُ إذا عدتْ معدٌّ قديمها ... مكانَ النواصي منْ وجوهِ السوابقِ

منعتكَ ميراثَ الملوكِ وتاجهمْ ... وأنتَ لذرعي بيذقٌ في البياذقِ

وقال الفرزدق لجرير، وهي من أول هجائه. وكان سبب ذاك أن نساء بني مجاشع لما عمهم جرير بالهجاء بسبب البعيث، تجمعن، وجئن إلى الفرزدق وكان قد حج، وعاهد الله تعالى ألا يهجو أحداً، وأن يقيد نفسه حتى يحفظ القرآن. ففعل ذلك، وقيد نفسه، فلما شكون إليه ما نزل بهن من هجاء جرير، فض قيده، ثم قال:

ألا استهزأتْ مني هنيدةُ أنْ رأتْ ... أسيراً يداني قيدهُ حلقُ الحجلِ

ولوْ علمتْ أنَّ الوثاقَ أشدهُ ... إلى النارِ قالتْ لي مقالةَ ذي العقلِ

<<  <   >  >>