للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لعمري لئنْ قيدتُ نفسي لطالما ... سعيتُ وأوضعتُ المطيةَ في الجهلِ

ثلاثينَ عاماً ما أرى منَ عمايةٍ ... إذا برقتْ إلاَّ أشدُّ لها رحلي

أتتني أحاديثُ البعيثِ ودونهُ ... زرودُ وشاماتُ الشقيقِ منَ الرملِ

فقلتُ أظنَّ ابنُ الخبيثةِ أنني ... غفلتُ عنِ الرامي الكنانةَ بالنبلِ

فإنْ يكُ قيدي كانَ نذراً نذرتهُ ... فما بيَ عنْ أحسابِ قومي منْ شغلِ

أنا الضامنُ الراعي عليهمْ وإنما ... يدافعُ عنْ أحسابهمْ أنا أوْ مثلي

ولوْ ضاعَ ما قالوا ارعَ منا وجدتهمْ ... شحاحاً على الغالي منَ الحسبَ الجزلِ

إذا ما رضوا عني إذا كنتُ ضامناً ... بأحسابِ قومٍ بالجبالِ وبالسهلِ

فمهما أعشْ لا يضمنوني ولا أضعْ ... لهمْ حسباً ما حركتْ قدمي نعلي

ولستُ إذا ثارَ الغبارُ على امرئٍ ... غداةَ الرهانِ بالبطيءِ ولا الوغلِ

ولكن ترى لي غايةَ المجدِ سابقاً ... إذا الخيلُ قادتها الجيادُ على الحبلِ

وحولكَ أقوامٌ رددتُ عقولهمْ ... عليهم فكانوا كالفراشِ منَ الجهلِ

رفعتُ لهمْ صوتَ المنادي فأقصروا ... على خدباتٍ في كواهلهمْ جزلِ

ولولا الحياءُ زدتُ رأسكَ هزمةً ... إذا سبرتْ ظلتْ جوانبها تغلي

بعيدةَ أطرافِ الصدوعِ كأنها ... ركيةُ لقمانَ الشبيهةِ بالدحلِ

إذا نظرَ الآسونَ فيها تقلبتْ ... حماليقها منْ هولِ أنيابها الثعلِ

إذا ما رأتها الشمسُ ظلّ طبيبها ... كمنْ باتَ حتى الليلِ مختلسَ العقلِ

يودُّ لكَ الأدنونَ لوْ متَّ قبلها ... يرونَ بها شراً عليكَ منَ القتلِ

ترى في نواحيها الفراخَ كأنما ... جثمنَ حوالي أمِّ أربعةٍ طحلِ

شرنبثةً شمطاءَ منْ يرَ ما بها ... تشبهُ ولوْ بينَ الخماسيِّ والطبلِ

إذا ما سقوها السمنَ أقبلَ وجهها ... بعيني عجوزٍ منْ عرينةَ أوْ عكلِ

جنادفةٌ سجراءُ تأخذُ عينها ... إذا اكتحلتْ نصفَ القفيزِ منَ الكحلِ

وإني لمنْ قومٍ يكونُ غسولهمْ ... قرى فأرةِ الهنديّ يضربُ بالغسلِ

وما وجدَ الشافونَ مثلَ دمائنا ... شفاءً ولا الساقونَ منْ عسلِ النحلِ

وقال الفرزدق يهجو بني الخطفى، وهي أول قصيدة هجاهم بها:

ألمْ ترَ أني يومَ جوِّ سويقة ... بكيتُ فنادتني هنيدةُ ما ليا

فقلتُ لها إنَّ البكاءَ لراحةٌ ... به يشتفي منْ ظنَّ أنْ لا تلاقيا

قفي ودعينا يا هنيدُ فإنني ... أرى الحيَّ قدْ شاموا العقيقَ اليمانيا

قعيد كما اللهَ الذي أنتما لهُ ... ألمْ تسمعا بالبيضتينِ المناديا

حبيباً دعا والرملُ بيني وبينهُ ... فأسمعني سقياً لذلكَ داعيا

فكانَ جوابي أنْ بكيتُ صبابةً ... وفديتُ منْ لوْ يستطيعُ فدانيا

إذا اغرورقتْ عينايَ أسبلَ منهما ... إلى أنْ تغيبَ الشعريانِ بكائيا

لذكرى حبيبٍ لمْ أزلْ مذْ ذكرتهُ ... أعدُّ لهُ بعدَ الليالي اللياليا

أراني إذا فارقتُ هنداً كأنني ... دوا سنةٍ مما أجنَّ فؤاديا

دعاني ابنُ حمراءِ العجانِ فلمْ يجدْ ... لهُ إذْ دعا مستأخراً عنْ دعائيا

فنفستُ عنْ سميه حتى تنفسا ... وقلتُ لهُ لا تخشَ شيئاً ورائيا

أرحتُ ابنَ حمراءِ العجانِ فعردتْ ... فقارتهُ الوسطى وقدْ كانَ وانيا

فإنْ يدعني باسمي البعيثُ فلمْ يجدْ ... لئيماً كفى في الحربِ ما كانَ جانيا

فألقِ استكَ الهلباءَ فوقَ قعودها ... وشائعْ بها واضممْ إليكَ التواليا

قعودَ التي كانتْ رمتْ بكَ فوقهُ ... لها مدلكٌ عاسٍ أملَّ العراقيا

وما أنتَ منا غيرَ أنكَ تدعي ... إلى آلِ قرطٍ بعدَ ما شبتَ عانيا

تكونُ معَ الأدنى إذا كنتَ آمناً ... وأدعى إذا غمَّ الغثاءُ التراقيا

عجبتُ لحينِ ابنِ المراغةِ أنْ رأى ... لهُ غنماً أهدى إليَّ القوافيا

وهلْ كانَ فيما قدْ مضى من شبيبتي ... لكمْ رخصةٌ عندي فترجو ذكائيا

ألمْ أكُ قدْ راهنتُ حتى عرفتمُ ... رهاني وخلتْ لي معدٌّ عنانيا

<<  <   >  >>