للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باتتْ ترقصها العبيدُ وعسها ... قربانُ مما يجعلونَ وتجعلُ

حتى إذا خثر الإناءُ كأنما ... فيهِ القريسُ منَ المنيِّ الأشكلُ

وكأنَّ خاثرهُ إذا ارتثؤوا بهِ ... عسلٌ لهُ حلبتْ عليهِ الأيلُ

قالتْ وخاثرهُ يكرُّ عليهمُ ... والليلُ مختلطُ الغياطلِ أليلُ

لا تشتهي مما همُ أزموا بهِ ... يومينِ من ثقلِ الشرابِ المأكلُ

هذا الذي زحرتْ بهِ أستاهكمْ ... ويرى لهُ لزجٌ إذا يتمثلُ

سجراءُ منكرةٌ إذا خضخضتها ... منها يكادُ إناؤها يتزيلُ

فالتْ لشاعرها كليبٌ كلها ... أتنيكُ أمكَ أمْ تقادُ فتقتلُ

والموتُ أهونُ يا جريرُ منَ التي ... عرضتْ عليكَ فأيَّ تينكَ تفعلُ

والمرتينِ يخيرونكَ فيهما ... فالموتُ منْ خلقيْ عجوزكَ أجملُ

فاختارَ نيكَ كبيرةٍ قدْ أصهرتْ ... شمطاءَ ليفُ عجانها يتفتلُ

قالتْ وقدْ عرفتْ جريراً أمهُ ... مهلاً بنيَّ إليَّ حيثُ تغفلُ

إنَّ الحياةَ إلى الرجالِ حبيبةٌ ... بعدَ الذي فعلَ اللئيمُ الأثولُ

وقال الفرزدق:

أقولُ لصاحبيَّ منَ التعزي ... وقدْ نكبنَ أكثبةَ العقارِ

أعيناني على زفراتِ قلبٍ ... يحنُّ برامتينِ إلى النوارِ

إذا ذكرتْ نوارُ لهُ استهلتْ ... مدامعُ مسبلِ العبراتِ جارِ

فلمْ أرَ مثلَ ما قطعتْ إلينا ... منَ الظلمِ الحنادسَ والصحاري

تخوضُ فروجهُ حتى أتتنا ... على بعدِ المناخِ منَ المزارِ

وكيفَ وصالُ منقطعٍ طريدٍ ... يغورُ معَ النجومِ إلى المغارِ

كسعتُ ابنَ المراغةِ حينَ ولى ... إلى شرِّ القبائلِ والديارِ

إلى أهلِ المضايقِ منْ كليبٍ ... كلابٌ تحتَ أخبيةٍ صغارِ

ألا قبحَ الإلهُ بني كليبٍ ... ذوي الحمراتِ والعمدِ القصارِ

نساءٌ بالمضايقِ ما يواري ... مخازيهنَّ منتقبُ الخمارِ

وما أبكارهنَّ بثيباتٍ ... ولدنَ منَ البعولِ ولا عذاري

ولوْ ترمى بلؤمِ بني كليبٍ ... نجومُ الليلِ ما وضحتْ لساري

ولو لبسَ النهارَ بنو كليبٍ ... لدنسَ لؤمهمْ وضحَ النهارِ

وما يغدو عزيزُ بني كليبٍ ... ليطلبَ حاجةً إلاَّ بجارِ

بنو السيدِ الأشائمُ للأعادي ... نموني للعلى وبنو ضرارِ

وأصحابُ الشقيقةِ يومَ لاقوا ... بني شيبانَ بالأسلِ الحرارِ

وسامٍ عاقدٍ خرزاتِ ملكٍ ... يقودُ الخيلَ تقذفُ بالمهارِ

أناخَ بهمْ مغاضبةً فلاقى ... شعوبَ الموتِ أوْ حلقَ الإسارِ

وفضلَ آلَ ضبةَ كلَّ يومٍ ... وقائعُ بالمجردةِ العواري

وتقتيلُ الملوكِ وإنَّ منهمْ ... فوارسَ يومَ طخفةَ والنسارِ

وإنهمُ همُ الحامونَ لما ... تواكلَ منْ يذودُ عنِ الذمارِ

ومنهمْ كانتِ الرؤساءُ قدماً ... وهمْ قتلوا العدوَّ بكلِّ دارِ

فما أمسى لضبةَ منْ عدوٍّ ... ينامُ ولا ينيمُ منَ الحذارِ

وقال الفرزدق لجرير:

جرَّ المخزياتِ على كليبٍ ... جريرٌ ثمَّ ما منعَ الذمارا

وكانَ لهمْ كبكرِ ثمودَ لما ... رغا ظهراً فدمرهمْ دمارا

عوى فأثار أغلبَ ضيغمياً ... فويلَ ابنِ المراغةِ ما استثارا

منَ اللائي يظلُّ الألفُ منهُ ... مشيحاً منْ مخافتهِ نهارا

تظلُّ المخدراتُ لهُ سجوداً ... حمى الطرقَ المقانبَ والتجارا

كأنَّ بساعديهِ سوادَ ورسٍ ... إذا هوَ فوقَ أيدي القومِ سارا

وإنَّ بني المراغةِ لمْ يصيبوا ... إذا اختاروا مشاتمتي اختيارا

هجوني خائنينَ فكانَ شتمي ... على أكبادهمْ سلعاً وقارا

ستعلمُ منْ تناولهُ المخازي ... إذا يجري ويدرعُ الغبارا

ونامَ ابنُ المراغةِ عنْ كليبٍ ... فجللها المخازيَ والشنارا

وإنَّ بني كليبٍ إذْ هجوني ... لكالجعلانِ إذْ يغشونَ نارا

إذا احترقتْ مآشرها أشارتْ ... أكارعَ في جواشنها قمارا

تلومُ على هجاءِ بني كليبٍ ... فيا لكَ للملامةِ منْ نوارا

فقلتُ لها ألما تعرفيني ... إذا شدتْ محافلتي الإزارا

<<  <   >  >>