للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأبلتْ أواريَّ حيثُ استطافَ ... فلوُّ الجيادِ على المزودِ

برى نؤيها دارجاتُ الرياحِ ... كما يبتري الجفنُ بالمبردِ

ترى بينَ أحجارها للرمادِ ... كنفضِ السحيقِ منَ الإثمدِ

وبيضٍ نواعمَ مثلِ الدمى ... كرامٍ خرائدَ منْ خردِ

تقطعُ للهوِ أعناقها ... إذا ما تسمعنَ للمنشدِ

ألمْ ترَ أنا بني دارمٍ ... زرارةُ منا أبو معبدِ

ومنا الذي منعَ الوائداتِ ... وأحيا الوئيدَ فلمْ يوأدِ

وناجيةُ الخيرِ والأقرعانِ ... وقبرٌ بكاظمةَ الموردِ

إذا ما أتى قبرهُ غارمٌ ... أناخَ إلى القبرِ بالأسعدِ

فذاكَ أبي وأبوهُ الذي ... لمقعدهِ حرمُ المسجدِ

ألسنا بأصحابِ يومِ النسارِ ... وأصحابِ ألويةِ المربدِ

ألسنا الذين تميمٌ بهمْ ... تسامى وتفخرُ في المشهدِ

وقدْ مدَّ حولي منَ المالكينِ ... أواذيُّ ذي حدبٍ مزبدِ

إلى هادراتٍ صعابِ الرؤوسِ ... قساورَ للقسورِ الأصيدِ

أيطلبُ مجدَ بني دارمٍ ... عطيةُ كالجعلِ الأسودِ

ومجدُ بني دارمٍ فوقهُ ... مكانَ السماكينِ والفرقدِ

سأرمي ولوْ جعلتْ في اللئامِ ... وردتْ إلى دقةٍ المحتدِ

كليباً وما أوقدتْ نارها ... لقدحٍ مفاضٍ ولا مرفدِ

ولا دافعوا ليلةَ الصارخينَ ... لهمْ صوتُ ذي غرةٍ موقدِ

ولكنهمْ يلهدونَ الحميرَ ... ردافى على العجبِ والقرددِ

على كلِّ قعساءَ محزومةٍ ... بقطعةِ ربقٍ ولمْ تلبدِ

موقعةٍ ببياضِ الركوبِ ... كهودِ اليدينِ معَ المكهدِ

قرنبى تسوفُ قفا مقرفٍ ... لئيمٍ مآثرهُ قعددِ

ينيكونهنَّ ويحملنهمْ ... وهنَّ طلائعُ بالمرصدِ

ترى كلَّ مصطرةِ الحافرينَ ... يقالُ لها للنزالِ اركدي

بهنَّ يحابونَ أختانهمْ ... ويشفونَ كلَّ دمٍ مقصدِ

فما حاجبٌ في بني دارمٍ ... ولا أسرةُ الأقرعِ الأمجدِ

ولا آلُ قيسٍ بنو خالدٍ ... ولا الصيدُ صيدُ بني مرثدِ

بأخيلَ منهمْ إذا زينوا ... بمغرتهمْ حاجبيْ مؤجدِ

حمارٌ لهمْ منْ بناتِ الكدادِ ... يدهمجُ بالوطبِ والمزودِ

يبيعونَ نزوتهُ بالوصيفِ ... وكوميهِ بالناشئِ الأمردِ

فهذا سبابي لكمْ فاصبروا ... على الناقراتِ وقدْ أعتدي

إذا ما اجتدعتُ أنوفَ اللئامِ ... عفرتُ الخدودَ إلى الجدجدِ

يغورُ بأعناقها الغائرونَ ... ويخبطنَ نجداً معَ المنجدِ

وكانَ جريرٌ على قومهِ ... كبكرِ ثمودٍ لها الأنكدِ

رغا رغوةً بمناياهمُ ... فصاروا رماداً معَ الرمددِ

كلابٌ تعاظلُ سودُ الفقا ... حِ لمْ تحمِ شيئاً ولمْ تصطدِ

وتربقُ باللؤمِ أعناقها ... بأرباقِ لؤمهمِ الأتلدِ

إلى مقعدٍ كمبيتِ الكلابِ ... قصيرٍ جوانبهُ مبلدِ

يواري كليباً إذا استجمعتْ ... ويعجزُ عنْ مجلسِ المقعدِ

وقال الفرزدق يجيب جريراً:

تقولُ كليبٌ حينَ مثتْ سبالها ... وأخصبَ منْ مروتها كلُّ جانبِ

لسؤبانِ أغنامٍ رعتهنَّ أمهُ ... إلى أنْ علاها الشيبُ فوقَ الذوائبِ

ألستَ إذا القعساءُ أنسلَ ظهرها ... إلى آلِ بسطامِ بن زيقٍ بخاطبِ

لقوا ابنيْ جعالٍ والجحاشُ كأنها ... لهمْ ثكنٌ والقومُ ميلً العصائبِ

فقالا لهمْ ما بالكمْ في برادكمْ ... أمنْ فزعٍ أمْ حولَ ريانَ لاغبِ

فقالوا سمعنا أنَّ حدراءَ زوجتْ ... على مائةٍ شمِّ الذرى والغواربِ

وفينا من المعزى تلادٌ كأنها ... ظفاريةُ الجزعِ الذي في الترائبِ

بهنَّ نكحنا غالياتِ نسائنا ... وكلُّ دمٍ منا لديهنَّ واجبِ

فقالَ ارجعوا إنا نخافُ عليكمُ ... يديْ كلِّ سامٍ منْ ربيعةَ شاغبِ

وإلاَّ تعودوا لا تجيؤوا ومنكمُ ... لهُ مسمعٌ غيرُ القروحِ الجوالبِ

فلوْ كنتَ منْ أكفاءِ حدراءَ لمْ يكنْ ... على دارميٍّ بينَ ليلى وغالبِ

فنلْ مثلها منْ مثلهمْ ثمَّ لمهمُ ... بمالكَ منْ مالٍ مراحٍ وعازبِ

وإني لأخشى إنْ خطبتَ إليهمِ ... عليكَ الذي لاقى يسارُ الكواعبِ

<<  <   >  >>