للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولوْ قبلوا مني عطيةَ سقتهُ ... إلى آلِ زيقٍ منْ وصيفٍ مقاربِ

همُ زوجوا قبلي ضراراً وأنكحوا ... لقيطاً وهمْ أكفاؤنا في المناسبِ

ولوْ تنكحُ الشمسُ النجومَ بناتها ... إذنْ لنكحناهنَّ قبلَ الكواكبِ

وما استعهدَ الأقوامُ منْ زوجِ حرةٍ ... منَ الناسِ إلاَّ منكَ أوْ منْ محاربِ

لعلكَ في حدراءَ لمتَ على الذي ... تخيرتِ المعزى على كلِّ حالبِ

عطيةَ أوْ ذي بردتينِ كأنهُ ... عطيةُ زوجٍ للأتانِ وراكبِ

رد عطية على الذي، وتقديره: على كل حالب أو على ذي بردتين أي على رجل ذي بردتين كأن عطية زوج الأتان. وراكب: خفضه على نعت رجل يقول كان لومك في تزويجي حدراء لمت على أبيك أو نفسك، ثم إن حدراء الشيبانية التي ذكرها الفرزدق كان أبوها نصرانياً، وهي من ولد قيس بن بسطام ماتت قبل أن يصل إليها الفرزدق، وقد ساق إليها المهر وهي مملكة فترك المهر لأهلها وانصرف، وقال الفرزدق في ذلك:

عجبتُ لحادينا المقحمِ سيرهُ ... بنا مزحفاتٍ منْ كلالٍ وظلعا

ليدنيننا ممنْ إلينا لقاؤهُ ... حبيبٌ ومنْ دارٍ أردنا لتجمعا

ولوْ يعلمُ الغيبَ الذي منَ أمامنا ... لكرَّ بنا الحادي الركابَ فأسرعا

لقلتُ ارجعنها إنَّ لي منْ ورائها ... خذوليْ صوارٍ بينَ قفٍّ وأجرعا

منَ العوجِ أعناقاً عقالٌ أبوهما ... تكونانِ للعينينِ والقلبِ مقنعا

نوارُ لها يومانِ يومٌ غريرةٌ ... ويومٌ كغرثى جروها قدْ تيفعا

يقولونَ زُرْ حدراءَ والتربُ دونها ... وكيفَ بشيءٍ وصلهُ قدْ تقطعا

فلستُ وإنْ عزتْ عليَّ بزائرٍ ... تراباً على مرسومةٍ قدْ تضعضعا

وأهونُ مفقودٍ إذا الموتُ نالهُ ... على المرءِ منْ أصحابهِ منْ تقنعا

يقولُ ابنُ خنزيرٍ بكيتَ ولمْ تكنْ ... على امرأةٍ عيني إخالُ لتدمعا

وأهونُ رزءٍ لامرئٍ غيرِ عاجزٍ ... رزيةُ مرتجِّ الروادفِ أفرعا

وما ماتَ عندَ ابنِ المراغةِ مثلها ... ولا تبعتهُ ظاعناً حيثُ دعدعا

لعمري لقدْ قالتْ أمامةُ إذْ رأتْ ... جريراً بذاتِ الرقمتينِ تشنعا

أمكتفلٌ بالرقمْ إذْ أنتَ واقفٌ ... أتانكَ أمْ ماذا تريدُ لتصنعا

رأيتكَ تغشى كاذتيها ولمْ تكنْ ... لتركبَ إلاَّ ذا السحوجِ الموقعا

دعتْ يا عبيدُ بنُ الحرامِ ألا ترى ... مكانَ الذي أخزى أباكَ وجدعا

أأعيا عليكَ الناسُ حتى جعلتَ لي ... خليلاً يغاديني وآتنهُ معا

وقال الفرزدق لجرير:

أعرفتَ بينَ رويتينِ وحنبلٍ ... دمناً تلوحُ كأنها الأسطارُ

لعبَ العجاجُ بكلِّ معرفةٍ لها ... وملثةٌ غبياتها مدرارُ

فعفتْ معالمها وغيرَ رسمها ... ريحٌ تروحُ بالحصى مبكارُ

فترى الأثافيَ والرمادَ كأنهُ ... بوٌّ عليهِ روائمٌ أظآرُ

ولقدْ يحلُّ بها الجميعُ وفيهمُ ... حورُ العيونِ كأنهنَّ صوارُ

يأنسنَ عندَ بعولهنَّ إذا التقوا ... وإذا همُ برزوا فهنَّ خفارُ

شمسٌ إذا بلغَ الحديثُ حياءهُ ... وأوانسٌ بكريمةٍ أغرارُ

وكلامهنَّ كأنما مرفوعهُ ... بحديثهنَّ إذا التقينَ سرارُ

رجحٌ ولسنَ منَ اللواتي بالضحى ... لذيولهنَّ على الطريقِ غبارُ

وإذا خرجنَ يعدنَ أهلَ مصابةٍ ... كانَ الخطا لسراعها الأشبارُ

هنَّ الحرائرُ لمْ يرثنَ لمعرضٍ ... مالاً وليسَ أبٌ لهنَّ يجارُ

فاطرحْ بعينكَ هلْ ترى أظعانهمْ ... كالدومِ حينَ تحملَ الأخدارُ

يغشى الإكامَ بهنَّ كلُّ مخيسٍ ... قدْ شاكَ مختلفاتهُ موارُ

فإذا العيونُ تكارهتْ أبصارها ... وجرى بهنَّ معَ السرابِ قفارُ

نظرَ الدلهمسُ نظرةً ما ردها ... حولٌ بمقلتهِ ولا عوارُ

فرأى الحمولَ كأنما أحداجها ... في الآلِ حينَ سما بها الإظهارُ

نخلٌ يكادُ ذراهُ منْ قنوانهِ ... بذريعتينِ يميلهُ الإيقارُ

إنَّ الملامةَ مثلُ ما بكرتْ بهِ ... منْ تحتِ ليلتها عليكَ نوارُ

وتقولُ كيفَ يميلُ مثلكَ للصبا ... وعليكَ منْ سمةِ الحليمِ عذارُ

<<  <   >  >>