للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والشيبُ ينهضُ في الشبابِ كأنهُ ... ليلٌ يصيحُ بجانبيهِ نهارُ

إنَّ الشبابَ لرابحٌ منْ باعهُ ... والشيبُ ليسَ لبائعيهِ تجارُ

يا بنَ المراغةِ أنتَ ألأمُ منْ مشى ... وأذلُّ منْ لبنانهِ أظفارُ

وإذا ذكرتَ أباكَ أوْ أيامهُ ... أخزاكَ حيثُ تقبلُ الأحجارُ

إنَّ المراغةَ مرغتْ بربوعها ... في اللؤمِ حيثُ تجاهدَ المضمارُ

أنتمْ قرارةُ كلِّ مدفعٍ سوأةٍ ... ولكلِّ دافعةٍ يسيلُ قرارُ

إني غممتكَ بالهجاء وبالحصى ... ومكارمٍ لفعالهنَ منارُ

ولقدْ عطفتُ عليكَ حرباً مرةً ... إنَّ الحروبَ عواطفٌ أمرارُ

حرباً وأمكَ ليسَ منجي هاربٍ ... منها ولوْ ركبَ النعامَ فرارُ

فلأفخرنَّ عليكَ فخراً لي بهِ ... قحمٌ عليكَ منَ الفخارِ كبارُ

إني ليرفعني عليكَ لدارمٍ ... قرمٌ لهمْ ونجيبةٌ مذكارُ

وإذا نظرتَ رأيتَ قومكَ دارماً ... في الجوِّ حيثُ تقطعُ الأبصارُ

إني لأشتمكمْ وما في قومكمْ ... حسبٌ يعادلنا ولا أخطارُ

هلْ تعدلنَّ بقاصعائكَ معشراً ... لهمُ السماءُ عليكَ والأنهارُ

الأكرمونَ إذا يعدُّ قديمهمْ ... والأكثرونَ إذا يعدُّ كثارُ

ولهمْ عليكَ إذا القرومُ تخاطرتْ ... خمطُ الفحولةِ مصعبٌ خطارُ

ولهمْ عليكَ إذا البحورُ تدافعتْ ... لججٌ يغمكَ موجهنَّ غمارُ

قومٌ يردُّ بهمْ إذا ما استلاموا ... غضبُ الملوكِ وتمنعُ الأدبارُ

فاسألْ غداةَ جدودَ أيَّ فوارسي ... منعوا النساءَ لعوذهنَّ خؤارُ

والخيلُ عابسةٌ على أكتافها ... دفعٌ تبلُّ صدورها وغبارُ

إنا وأمكَ ليسَ ما تظلُّ جيادنا ... إلاَّ شوازبَ لاحهنَّ غوارُ

قباً بنا وبهنَّ يمنعُ والقنا ... وغمُ العدوِّ وتنقضُ الأوتارُ

كمْ كانَ منْ ملكٍ وطئنَ وسوقةٍ ... أطلقنهُ وبساعديهِ إسارُ

كانَ الفداءُ لهُ صدورَ رماحنا ... والخيلَ إذْ رهجُ الغبارِ مثارُ

ولئنْ سألتَ لتنبأنَّ بأننا ... نسمو بأكرمِ ما تعدُّ نزارُ

قالَ الملائكةُ الذين تخيروا ... والمصطفونَ لدينهِ الأبرارُ

أبكى الإلهُ على بليةَ منْ بكى ... جدثاً ينوحُ على صداهُ حمارُ

كانتْ منافقةَ الحياةِ وموتها ... خزيٌ علانيةٌ عليكَ وعارُ

فلئنْ بكيتَ على الأتانِ لقدْ بكى ... جزعاً غداةَ فراقها الأعيارُ

ينهسنَ أذرعهنَّ حيثُ عهدنها ... ومكانُ جثوتها لهنَّ دوارُ

تبكي على امرأةٍ وعندكَ مثلها ... قعساءُ ليسَ لها عليكَ خمارُ

وليكفينكَ فقدَ زوجتكَ التي ... هلكتْ موقعةُ الظهورِ قصارُ

أخواتُ أمكَ كلهنَّ حريصةٌ ... ألاَّ يفوتكَ عندها الإصهارُ

بكراً عستْ بكَ أنْ تكونَ حظيةً ... إنَّ المناكحَ خيرها الأبكارُ

إنَّ الزيارةَ في الحياةِ ولا أرى ... ميتاً إذا دخلَ القبورَ يزارُ

ولقدْ هممتَ بسوأةٍ ففعلتها ... في اللحدِ حيثُ تمكنَ المحفارُ

لما رأتْ ضبعيْ بليةَ أجهشتْ ... والأرضُ غير ثلاثهنَّ قفارُ

لما جننتَ اليومَ منها أعظماً ... يبرقنَ بينَ فصوصهنَّ فقارُ

أفبعدَ ما أكلَ الضباعُ رحيبها ... تذري الدموعَ أهانكَ القهارُ

ورثيتها وفضحتها في قبرها ... ما مثلَ ذلكَ تفعلُ الأخيارُ

وأكلتَ ما ذخرتْ لنفسكَ دونها ... والجدبُ فيهِ تفاضلُ الأبرارُ

آثرتَ نفسكَ باللويةِ والتي ... كانتْ لها ولمثلها الأذخارُ

وترى اللئيمَ كذاكَ دونَ عيالهِ ... وعلى قعيدتهِ لهُ استئثارُ

ينسى حليلتهُ إذا ما أجدبتْ ... ويهيجهُ لبكائها القسبارُ

أنسيتَ صحبتها ومنْ يكُ مقرفاً ... تخرجْ مغبةَ سرهِ الأخبارُ

لما شبعتَ ذكرتَ ريحَ كسائها ... وتركتها وشتاؤها هرارُ

هلاَّ وقدْ غمرتْ فؤادكَ كثبةٌ ... والضأنُ مخصبةُ الجنابِ غزارُ

هجهجتَ حيثُ دعتكَ إذْ لمْ تأتها ... حيثُ السباعُ شوارعٌ كشارُ

نهضتْ لتحرزَ شلوها فتجورتْ ... والمخُّ منْ قصبِ القوائمِ رارُ

<<  <   >  >>