للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالتْ وقدْ جمحتْ على مملولها ... والنارُ تخبو مرةً وتثارُ

عجفاءُ عاريةُ العظامِ أصابها ... جدبُ الزمانِ وجدها العثارُ

أبني الحرامِ فتاتكمْ لا تهزلنْ ... إنَّ الهزالَ على الحرائرِ عارُ

لا تتركنَّ ولا تزالا عندها ... منكمْ لحدِّ شتائها ميارُ

وبحقها وأبيكَ تهزلُ ما لها ... مالٌ فيعصمها ولا أيسارُ

وترى شيوخَ بني كليبٍ بعدما ... شمطَ اللحى وتسعسعَ الأعمارُ

يتكلمونَ معَ الرجالِ تراهمُ ... زبَّ اللحى وقلوبهمْ أصفارُ

أعجلتَ أمْ قدْ راثَ ريحُ شوائنا ... أمْ ليسَ للكمرِ الكبارِ قتارُ

متقصباتٌ عندَ شرِّ بعولةٍ ... شمطتْ رؤوسهمُ وهمْ أغمارُ

ونسيةٌ لبني كليبٍ عندهمْ ... مثلُ الخنافسِ بينهنَّ وبارُ

منْ كلِّ حنكلةٍ يواجهُ بعلها ... بظرٌ كأنَّ لسانهُ منقارُ

أمةُ اليدينِ لئيمةٌ آباؤها ... سوداءُ حيثُ يعلقُ التقصارُ

كانتْ تطيبُ بالفساءِ ولمْ يلجْ ... بيتاً لها بذكيةٍ عطارُ

مما يباكرهُ النشيلُ وعندهُ ... صفراءُ منْ زبدِ الكرومِ عقارُ

وتبيتُ تسهرهُ العروقُ وما بهِ ... حمى فتدخلهُ ولا أصفارُ

متعالمُ النفرِ الذينَ همُ همُ ... بالتبلِ لا غمرٌ ولا أفتارُ

فاربطْ لأمكَ عنْ أبيكَ أتانهُ ... واخسأ فما بكَ للكريمِ فخارُ

كمْ كانَ قبلكَ منْ لئيمٍ خائنٍ ... تركتْ مسامعهُ وهنَّ صغارُ

وقال الفرزدق يمدح بني تغلب، ويهجو جريراً:

يا بنَ المراغةِ والهجاءُ إذا التقتْ ... أعناقهُ وتماحكَ الخصمانِ

ما ضرَّ تغلبَ وائلٍ أهجوتها ... أمْ بلتَ حيثُ تناطحَ البحرانِ

يا بنَ المراغةِ تغلبُ ابنةُ وائلٍ ... رفعوا عناني فوقَ كلِّ عنانِ

كانَ الهذيلُ يقودُ كلَّ طمرةٍ ... دهماءَ مقربةٍ وكلَّ حصانَ

يصهلنَ بالنظرِ البعيدِ كأنما ... إرنانها ببوائنِ الأشطانِ

يقطعنَ كلَّ مدى بعيدٍ غولهُ ... خببَ السباعِ يقدنَ بالأرسانِ

وكأنَّ راياتِ الهذيلِ إذا بدتْ ... فوقَ الخميسِ كواسرُ العقبانِ

وردوا إرابَ بجحفلٍ منْ وائلٍ ... لجبِ العشيِّ ضباركِ الأركانِ

ويبيتُ فيهِ منَ المخافةِ عائذاً ... ألفٌ عليهِ قوانسُ الأبدانِ

تركوا لتغلبَ إذْ رأوا أرماحهمْ ... بإرابَ كلَّ لئيمةٍ مدرانِ

تدمي وتغلبُ يمنعونَ بناتهمْ ... أقدامهنَّ حجارةُ الصوانِ

لولا أناتهمْ وفضلُ حلومهمْ ... باعوا أباكَ بأوكسِ الأثمانِ

يمشينَ في آثرِ الهذيلِ وتارةً ... يردفنَ خلفَ أواخرِ الركبانِ

والحوفزانُ أميرهمْ متضائلٌ ... في جمعِ تغلبَ ضاربٌ بجرانِ

أحببنَ تغلبَ إذْ هبطنَ بلادهمْ ... لما سمنَّ وكنَّ غيرَ سمانِ

يمشينَ بالفضلاتِ وسطَ شروبهمْ ... يتبعنَ كلَّ عقيرةٍ ودخانِ

يتبايعونَ إذا انتشوا ببناتكمْ ... عندَ الإيابِ بأوكسِ الأثمانِ

واسألْ بتغلبَ كيفَ كانَ قديمها ... وقديمُ قومكَ أولَ الأزمانِ

قومٌ همُ قتلوا ابنَ هندٍ عنوةً ... عمراً وهمْ قسطوا على النعمانِ

قتلوا الصنائعَ والملوكَ وأوقدوا ... نارينِ قدْ علتا على النيرانِ

لولا فوارسُ تغلبَ ابنةِ وائلٍ ... نزلَ العدوُّ عليكَ كلَّ مكانِ

حبسوا ابن قيصرَ فابتنوا برماحهمْ ... يومَ الكلابِ كأكرمِ البنيانِ

ولقدْ علمتُ ليذرفنْ ذا بطنةٍ ... بربوعكمْ لموقصِ الأقرانِ

إنَّ الأراقمِ لنْ ينالَ قديمها ... كلبٌ عوى متهتمَ الأسنانِ

قومٌ إذا وزنوا بقومٍ أفضلوا ... مثلي موازنهمْ على الميزانِ

وقال الفرزدق فيما كان بينه وبين قيس حين قتل قتيبة فهجاه جندل بن الراعي وذو الأهدام الجعفري فهجاهما الفرزدق، وهجا جريراً معهما فقال:

محتِ الديارَ فأذهبتْ عرصاتها ... محوَ الصحيفةِ بالبلى والمورِ

ريحانِ يختلفانِ في طردِ الحصى ... طرداً لهُ بعشيةٍ وبكورِ

وروائمٍ ولداً ولمْ ينتجنهُ ... قدْ بتنَ تحتَ وئيةٍ لقدورِ

<<  <   >  >>