للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا قريشٌ أوقدَتْ نيرانها ... وثنتْ ضغائنَ بينها وذحولا

فأبوكَ سيدُها وأنتَ أميرُها ... وأشدُّها عندَ العزائمِ جولا

إنَّ السعاةَ عصوكَ حينَ بعثتهمْ ... وأتوا دواعي لو علمتَ وغولا

إنَّ الذينَ أمرتهمْ أن يعدلُوا ... لمْ يفعلوا مما أمرتَ فتيلا

أخذوا العريفَ فقطعوا حيزومهُ ... بالأصبحيةِ قائماً مغلولا

حتى إذا لمْ يتركوا لعظامهِ ... لحماً ولا لفؤادِهِ معقولا

نسيَ الأمانةَ من مخافةِ لقحٍ ... شمسٍ تركنَ بضبعِهِ مجزولا

كتبَ الدهيمُ وما تجمعَ حولها ... ظلماً فجاءَ بعدلها معدولا

وغدوا بصكهمِ وأحدَبَ أسأرَتْ ... منهُ السياطُ يراعَةً إجفيلا

من عاملٍ منهمْ إذا غيبتهُ ... غالى يريدُ خيانةً وغلولا

خربِ الأمانةِ لوْ أحطتَ بفعلِهِ ... لتركتَ منهُ طابقاً مفصولا

كتباً تركنَ غنينا ذا خلةٍ ... بعدَ الغنَى وفقيرنا مهزولا

أخذُوا حمولتهُ فأصبحَ قاعداً ... ما يستطيعُ عن الديارِ حويلا

يدعُو أميرَ المؤمنينَ ودونَهُ ... خرقٌ تجرُّ به الرياحُ ذيولا

كهداهدٍ كسرَ الرماةُ جناحهُ ... يدعو بقارعةِ الطريقِ هديلا

وقعَ الربيعُ وقد تقاربَ خطوهُ ... ورأى بعقويهِ أزلَّ نسولا

متوضحَ الأقرابِ فيهِ شبهةٌ ... نهشَ اليدينِ تخالُهُ مشكولا

كدخانِ مرتجلٍ بأعلى تلعةٍ ... غرثانَ ضرمَ عرفجاً مبلولا

ولئنْ سلمتُ لأدعونَّ لظعنةٍ ... تدعُ الفرائضَ بالشريفِ قليلا

وأرى الذي يدعُ المطامعَ للتقى ... منَّا أتَى خلقاً بذاكَ جميلا

وقال الراعي يمدحُ سعيد بن عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد: الوافر

ألمْ تسألْ بعارمةَ الديارا ... عنِ الحيِّ المفارِقِ أيْنَ سارا

بجانبِ رامةٍ فوقفتُ يوماً ... أسائلُ ربعهنَّ فما أحارا

منازلُ حولَها بلدٌ رقاقٌ ... تجرُّ الرامِساتُ بها الغبارا

أقمنَ بها رهينةَ كلِّ نحسٍ ... فما يعدمنَ ريحاً أو قطارا

ورجافاً تحنَّ المزنُ فيهِ ... ترجزَ من تهامةَ فاستطارا

فمرَّ على منازلها فألقى ... بها الأثقالَ وانتحرَ انتحارا

إذا ما قلتُ جاوزها لأرضٍ ... تذاءَبتِ الرياحُ لهُ فحارا

وأبقَى السيلُ والأرواحُ منها ... ثلاثاً في منازلها ظؤارا

أنخنَ وهنَّ أغفالٌ عليها ... فقدْ تركَ الصلاءُ بهنَّ نارا

وذاتِ أثارةٍ تركتْ عليهِ ... نباتاً في أكمتهِ قفارا

جماديّاً تحنُّ المزنُ فيهِ ... كما فجرتَ في الحرثِ الدبارا

رَعَتهُ أشهراً وخلا عليها ... فسارَ النيُّ فيها واستغارا

طلبتُ على محالِ الصلْبِ منها ... غريبَ الهمِّ قدْ منعَ القرارا

فأبتُ بنفسِها والآلِ منها ... وقدْ أطعمتُ ذروتَها السفارا

وأخضرَ آجنٍ في ظلِّ ليلٍ ... سقيتُ بجمهِ رسلاً حرارا

بدلوٍ غيرِ مكربةٍ أصابتْ ... حماماً في مساكنهِ فطارا

سقيناها غشاشاً واستقينا ... نبادرُ من مخافتها النهارا

فأقبلها الحداةُ بياضَ نقبٍ ... وفجاً قد رأيْنَ لهُ إطارا

بحاجاتٍ تحضرها عدُوٌّ ... فما يسطيعُها إلاَّ خطارا

نرجي منْ سعيدِ بني لؤيٍّ ... أخي الأعياصِ أمطاراً غزارا

تلقَّى نوءهنَّ سرارُ شهرٍ ... وخيرُ النوءِ ما لقِيَ السرارا

خليلٌ تعزبُ العلاتُ عنهُ ... إذا ما حانَ يوماً أن يزارا

متى ما يجدِ نائلُه علينا ... فلا بخلاً نخافُ ولا اعتذارا

هوَ الرجل الذي نسبتْ قريشٌ ... فصارَ المجدُ منها حيثُ صارا

وأنضاءٍ أنخنَ إلى سعيدٍ ... طروقاً ثمَّ عجلْنَ ابتكارا

على أكوارِهِنَّ بنُو سبيلٍ ... قليلٌ نومهمْ إلاَّ غرارا

حمدنَ مزارهُ ولقينَ منهُ ... عطاءً لمْ يكنْ عدةً ضمارا

فصبحنَ المقرَّ وهنَّ خوصٌ ... على روحٍ يقلبْنَ المحارا

وغادرنَ الدجاجَ يثيرُ طوراً ... مباركها ويستوفي الجدارا

كأنَّ العِرمِسَ الوجناءَ منْها ... عجولٌ خرقتْ عنها صدارا

<<  <   >  >>