للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تراها عن صبيحةِ كلِّ خمسٍ ... مقدمةً كأنَّ بها نفارا

منَ العيسِ العتاقِ ترى عليها ... يبيسَ الماءِ قدْ خضبَ النجارا

إذا سدرَتْ مدامعُهُنَّ يوماً ... رأتْ إجلاً تعرضَ أوْ صوارا

بغائرةٍ نضا الخرطومُ عنها ... وسدتْ من خشاشِ الرأسِ غارا

يضعنَ سخالَهُنَّ بكلِّ فجٍّ ... خلاءٍ وهيَ لازمةٌ حوارا

كأحقبَ قارِحٍ بذاواتِ خيمٍ ... رأى ذعراً برابيةٍ فغارا

يقلبُ سمحجاً قوداءَ كانتْ ... حليلتهُ فشدَّ بها غيارا

نفى بأذاتهِ الحوليَّ عنها ... فغادَرَها وإنْ كرهَ الغدارا

وقرَّبَ جانبَ الشرقيّ يأدُو ... مدبَّ السيْلِ واجتنَبَ الشعارا

أطارَ نسيلَهُ الشتوِيَّ عنهُ ... تتبعهُ المذانبَ والقرارا

فلما نشتِ الغدرانُ عنهُ ... وهاجَ البقلُ واقطَرَّ اقطِرارا

غدا قلقاً تخلى الجزءُ منهُ ... فيممها سريعةَ أو سرارا

يغنيها أبحُّ الصوتِ جأبٌ ... خميصُ البطنِ قد أجم الحسارا

إذا احتجَبَتْ بناتُ الأرضِ منهُ ... تبسرَ يبتغي فيها البسارا

كأنَّ الصلبَ والمتنينِ منهُ ... وإياها إذا اجتهدا حضارا

رشاءُ محالةٍ في يومِ وردٍ ... يمدُّ حطاطُها المسدَ المغارا

تعرضَ حينَ قلصَتِ الثريّا ... وقد عرفَ المعاطنَ والمنارا

وهابَ جنانَ مسجورٍ تردى ... منَ الحلفاءِ واتزَر اتزارا

فصادفَ موردَ العاناتِ منهُ ... بأبطحَ يحتفرنَ بهِ الغمارا

فسوَّى في الشريعةِ حافريهِ ... ودارتْ ألفُهُ من حيثُ دارا

وقدْ صفا خدودَهُما وبلاً ... ببردِ الماءِ أجوافاً حرارا

وفي بيتِ الصفيحِ أبُو عيالٍ ... كثيرُ الماءِ يغتبقُ السمارا

يقلبُ بالأناملِ مرهفاتٍ ... كساهنَّ المناكبَ والظهارا

تبيتُ الحيةُ النضناضُ فيهِ ... مكانَ الحبِّ تستمعُ السرارا

فيممَ حيثُ قالَ القلْبُ منها ... بحجريِّ ترى فيه اضطمارا

يصادفُ سهمهُ أحجارَ قفٍّ ... كسرنَ العيرَ منهُ والغرارا

فريعا روعةً لوْ لَمْ يكونا ... ذوي أيْدٍ تمسُّ الأرضَ طارا

وقال أيضاً يمدح يزيدَ بن معاوية بن أبي سفيان: الطويل

تهانفتَ واستبكاكَ رسمُ المنازِلِ ... بقارةِ أهوى أو بسوقةِ حائلِ

خلتْ من جميعٍ ساكنينَ وبدلتْ ... ظباءَ السليلِ بعدَ خيلٍ وجاملِ

ذكرتُ بها من لنْ أباليَ بعدَهُ ... تفرقَ حيٍّ في النوى متزايلِ

وإنَّ امرءاً بالشامِ أكثَر قومِهِ ... وبطنانَ ليسَ الشوقُ عنهُ بغافلِ

فدونَ الأولَى كلبٌ وأفناءُ عامرٍ ... ودونَ الأولَى أفناءُ بكرِ بنِ وائلِ

وحنتْ إلى أرضِ العراقِ حمولَتِي ... وما قيظُ أجوافِ العراقِ بطائلِ

فقلتُ لها لا تجزعي وتربصي ... من اللهِ سيباً إنهُ ذو نوافلِ

كلي الحمضَ بعدَ المقحمينَ ورازمي ... إلى قابلٍ ثمَّ اعذرِي بعدَ قابلِ

مهاريسُ لاقَتْ بالوحيدِ سحابةً ... إلى أملِ العزافِ ذاتِ السلاسلِ

تواكلَها الأزمانُ حتى أجأنَها ... إلى جلَدٍ منها قليلِ الأسافلِ

فلما انجلتْ عنها السنونَ هوى لها ... مقانبُ هطلَى من غريمٍ وسائل

فلمْ يبقِ منها الحقُّ إلا أرومةً ... غلاظَ الرقابِ جلةً كالجنادِلِ

وضيفٍ كفتْ جيرانَها وتوكلتْ ... بهِ جلدةٌ من سرها أمُّ حائلِ

نعوسٌ إذا درَّتْ جروزٌ إذا غدتْ ... بويزلُ عامٍ أو سديسٌ كبازِلِ

إذا ما دعتْ شيباً بجنبيْ عنيزةٍ ... مشافرها في ماءِ مزنٍ وباقلِ

دعتْ بصريحٍ ذي غثاءٍ هراقهُ ... سوارِي العروقِ في الضروعِ السحابلِ

ذا ورعتْ أنْ تركبَ الحوضَ كسرتْ ... بأركانِ هضبٍ كلَّ رطبٍ وذابلِ

وإنْ سمعتْ رزَّ الفنيقِ تكشفَتْ ... بأذْنابِ صهْبٍ قرَّحٍ كالمجادلِ

وإنْ صابَ غيثٌ من وراءِ تنوفةٍ ... هدى هديَ سبارٍ بعيدِ المناقلِ

وإنِّي وذكرايَ ابنَ حرْبٍ لعائدٌ ... لخلةِ مرعِيِّ الأمانةِ واصلِ

أبوكَ الذي أجدَى عليَّ بنصرِهِ ... وأسكَتَ عني بعدَهُ كلَّ قائِلِ

<<  <   >  >>