للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنتَ امرؤٌ لا بدَّ أنْ قدْ أصبتني ... بموعدةٍ دينٍ عليك وعاجلِ

وقدْ علمتْ قيسٌ وأفناءُ خندفٍ ... ومذحجُ إذْ وافيتهمْ في المنازِلِ

ثنائي عليكمْ آلَ حربٍ ومنْ يملْ ... سواكمْ فإني مهتدٍ غيرُ مائلِ

رأتكَ ذوو الأحلامِ خيراً خلافَةً ... من الزائغينَ في التلاعِ الدواخِلِ

وأجزأتَ أمْرَ العالمينَ ولمْ يكنْ ... ليجزئَ إلاَّ كاملٌ وابْنُ كامِلِ

إليكَ ابتذلْنا كلَّ أدْماءَ حرةٍ ... وأعيسَ مشاءٍ أمامَ الرواحِلِ

رباعٍ كوقفِ العاجِ تثني حبالَهُ ... شراسيفُ حدَّتْ غرضُها غيرُ جائلِ

مشرفُ أطرافِ المحالِ مزلهِ ... معادَ الملاطِ معرقٍ في العقائلِ

فيالكَ من خدٍّ وذفرَى أسيلةٍ ... ومنْ عنقٍ صعلٍ وموضعِ كاهلِ

ورأسٍ كإبريقِ اليهوديِّ أشرفَتْ ... لهُ حبكٌ أجيادُها كالمراجلِ

ومنْ عجزٍ فيها جناحانِ ألحقا ... توالي لا شختٍ ولا متخاذلِ

وسمرٍ خفافٍ في حذاءِ نعامةٍ ... ثمانيةٍ روحٍ ظماءِ المفاصلِ

إذا قلتُ عاجٍ لجَّ حتى تردَّهُ ... قوَى أدمٍ أطرافُها في السلاسلِ

بعيدٍ من الحادِي إذا ما ترقصتْ ... نيافُ الصوَى في السبسبِ المتماحلِ

ترى الأعظمَ اللائي يلينَ فؤادَهُ ... جنوحَ الأعالِي مائراتِ الأسافلِ

كذي رملٍ من وحشِ حوملَ بلهُ ... أهاضيبُ في قسٍّ من الريحِ شاملِ

تخرُّ على متنِ الكثيبِ ومتنهُ ... رذاذٌ هوى من ديمةٍ غيرِ وابلِ

تبيتُ بناتُ الأرضِ تحتَ لبانهِ ... بأحقفَ من أنقاءِ توضحَ مائلِ

كأنَّ القطارَ حركتْ في مبيتهِ ... حذيةَ مسكٍ في معرسِ قافلِ

فلما تجلَّى ليلهُ عن نهارِهِ ... غدا سالكاً بينَ اللوَى فالخمائلِ

فهاجَ بهِ لمَّا ترجلتِ الضحى ... شطائبُ شتى من كلابٍ ونابلِ

فأبصرَها حتى إذا ما تقاربتْ ... وفي النفسِ منهُ كرةٌ للأوائلِ

حمى الأنفَ من بعضِ الفرارِ فذادها ... بأسحمَ لامٍ ذي شباتٍ وعاملِ

ففرقَ بينَ السابقينَ بطعنةٍ ... على عجلٍ من سلهَبٍ غيرِ ناصلِ

فكان كذِي تبلٍ تذكرَ ما مضَى ... وقدْ كرَّ كراتِ الكريم المقاتِلِ

يهزُّ بأطرافِ الحبالِ وينتحي ... على الأجنَبِ القصوى هزيزَ المغاولِ

كما انقضَّ دريٌّ تخلَّلَ متنهُ ... فروجَ جهامٍ آخرَ الليلِ جافلِ

وقال الراعي يمدح عبدَ الملك بن مروانَ، ويشكو السعاة: البسيط

بانَ الأحبةُ بالعهدِ الذي عهدُوا ... فلا تمالكَ عنْ أرضِ لها قصدوا

ورادَ طرفُكَ في صحراءَ ضاحيَةٍ ... فيها لعينيكَ والأظعانُ مطردُ

واستقبلتْ سربَهُمْ هيفٌ يمانيةٌ ... هاجتْ نزاعاً وحادٍ خلفهمْ غردُ

حتى إذا حالتِ الأرحاءُ دونهمُ ... أرحاءُ أرملَ حارَ الطرفُ أو بعدُوا

حثوا الجمالَ وقالوا إنَّ مشربكمْ ... وادِي المياهِ وأحساءٌ بهِ بردُ

وفي الخيامِ إذا ألقتْ مراسيها ... حورُ العيونِ لإخوانِ الصبا صُيُدُ

كأنَّ بيضَ نعامٍ في ملاحِفِها ... إذا اجتلاهُنَّ ليلٌ قيظهُ ومدُّ

لها خصورٌ وأعجازٌ ينوءُ بها ... رملُ الغناءِ وأعلَى متنِها رؤُدُ

منْ كلِّ واضِحَةِ الذِّفْرَى منعمةٍ ... غراءَ لمْ يغذُها بؤسٌ ولا وبدُ

يثني مساوفُها غرضوفَ أرنبةٍ ... شماءَ من رخصةٍ في جيدها أودُ

لها لثاتٌ وأنيابٌ مفلجةٌ ... كالأقحوانِ على أطرافِهِ البردُ

يجري بها المسْكُ والكافُورُ آونةً ... والزعفرانُ على لباتِها جسدُ

كأنَّ ريطَةَ جبارٍ إذا طويتْ ... بهوُ الشراسِيفِ منها حينَ تنخضدُ

نعمَ الضجيعُ بعيدَ النومِ يلجئُها ... إلى حشاكَ سقيطُ الليْلِ والثأدُ

كأنَّ نشوتها والليلُ معتكرٌ ... بعدَ العشاءِ وقدْ مالتْ بنا الوسدُ

صهباءُ صافيةٌ أغلى التجارُ بها ... منْ خمرِ عانةَ يطفو فوقها الزبدُ

لولا المخاوفُ والأوصابُ قد قطعتْ ... عرضَ الفلاةِ بنا المهريةُ الوخدُ

في كلِّ غبراءَ مخشيٍّ متالفُها ... جداءُ ليسَ بها عدٌّ ولا ثَمَدُ

<<  <   >  >>