للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تمسِي الرياحُ بها حسرَى ويتبعها ... سرادِقٌ ليسَ في أطرافِهِ عمدُ

بصباصةُ الخمسِ في زوراءَ مهلكةٍ ... يهدِي الأدلاءَ فيها كوكبٌ وحدُ

كلفتُ مجهولَها نوقاً يمانيةً ... إذا الحداةُ على أكسائها حفدُوا

حسبَ الجماجمِ أشباهاً مذكرةً ... كأنها دُمُكٌ شيزيةٌ جددُ

قامَ السقاةُ فناطُوها إلى خشبٍ ... على كبابٍ وحومٌ خامسٌ يردُ

ذوو جآجئَ مبتلٌّ مآزرهمْ ... بينَ المرافق في أيديهمِ حردُ

أو رعلةٌ من قطا فيحانَ حلأها ... عن ماءِ يثبرَةَ الشُّبّاكُ والرصَدُ

تنجو بهنَّ من الكُدْرِيّ جانيةٌ ... بالروضِ روضِ عماياتٍ لها ولدُ

لما تخلسَ أنفاساً قرائنُها ... منْ غمرِ سلمَى دعاها توءَمٌ قردُ

تهوي لهُ بشعيبٍ غيرِ معصمةٍ ... منغلةٍ دونَها الأحشاءُ والكبدُ

دونَ السماءِ وفوقَ الأرضِ مسلكُها ... تيهٌ نفانفُ لا بحرٌ ولا بَلَدُ

تطاولَ الليلُ منْ همٍّ تضيفنِي ... دونَ الأصارِمِ لمْ يشعرْ بهِ أحدُ

إلاَّ نجيةَ آرابٍ تقلبنِي ... كما تقلبَ في قرموصهِ الصردُ

في صدرِي ذي بدواتٍ ما تزالُ لهُ ... بزلاءُ يعيا بها الجثامةُ اللبَدُ

وعينِ مضطمرِ الكشحينِ أرقهُ ... همٌّ غريبٌ وناوِي حاجةٍ أفدُ

وناقةٍ من عتاقِ النوقِ ناجيةٍ ... حرفٍ تباعدَ منها الزورُ والعضدُ

ثبجاءُ دفواءُ مبنيٌّ مرافقُها ... على حصيرينِ في دفيهِما جددُ

مقاءُ مفتوقةُ الإبطينِ ماهرةٌ ... بالسومِ ناطَ يديها حارِكٌ سندُ

ينجو بها عنقٌ صعلٌ وتلحقُها ... رجْلا أصكَّ خدَبٍّ فوقَهُ لَبِدُ

تضحِي إذا العيسُ أدْركنا نكايتَها ... خرقاءَ يعتادُها الطوفانُ والزُّؤدُ

كأنها حرةُ الخدينِ طاويةٌ ... بعالجٍ دونَها الخلاتُ والعُقَدُ

ترمِي الفجاجَ بِكَحْلاوَيْنِ لمْ تجدا ... ريحَ الدخانِ ولمْ يأخذْهُما رمدُ

باتتْ بشرقيِّ يمؤُودٍ مباشِرَةً ... دعصاً أرذَّ عليهِ فرقٌ عندُ

في ظلِّ مرتجزٍ تجلو بوارقُهُ ... من ناظريْنِ رواقاً تحتهُ نضدُ

طورينِ طوراً يشقُّ الأرضَ وابلُهُ ... بعدَ العزازِ وطوراً ديمةٌ رغدُ

حتى غدتْ في بياضِ الصبحِ طيبةً ... ريحُ المباءةِ تخدِي والثرى عمدُ

لما رأتْ ما ألاقِي من مجمجمةٍ ... هي النجيُّ إذا ما صحبتي هجدوا

قامتْ خليدةُ تنهانِي فقلتُ لها ... إن المنايا لميقاتٍ لهُ عددُ

وقلتُ ما لامرِئٍ مثلي بأرضِكُمُ ... دونَ الإمامِ وخيرِ الناسِ متأدُ

إنِّي وإياكِ والشكْوَى التي قصرَتْ ... خطوِي ونأيكِ الوجدُ الذي أجدُ

كالماءِ والظالِعُ الصدْيانُ يطلبُهُ ... هوَ الشفاءُ لَهُ والريُّ لوْ يردَ

إنَّ الخلافةَ من ربِّي حباكَ بها ... لمْ يصفِها لكَ إلاَّ الواحدُ الصمدُ

القابضُ الباسِطُ الهادِي لطاعتِهِ ... في فتنةِ الناسِ إذْ أهواءُهُمْ قددُ

أمراً رضيتَ لهُ ثمَّ اعتمدتَ لهُ ... واعلَمْ بأنَّ أمينَ اللهِ معتمدُ

واللهُ أخرجَ من عمياءَ مظلمةٍ ... بحزمِ أمركَ والآفاقُ تجتلدُ

فأصبحَ اليومَ في دارٍ مباركةٍ ... عندَ المليكِ شهاباً ضوءهُ يقدُ

ونحنُ كالنجمِ يهوي من مطالعِهِ ... وغوطةُ الشامِ من أعناقنا صددُ

نرجو سجالاً من المعروفِ تنفحُها ... لسائليكَ فلا منٌّ ولا حسدُ

ضافِي العطيةِ راجيهِ وسائلهُ ... سيانَ أفلح من يُعطِي ومنْ يعدُ

أنتَ الحيا وغياثٌ نستغيثُ بهِ ... لو نستطيعُ فذاكَ المالُ والوَلَدُ

أزرَى بأموالِنا قومٌ أمرتهُمُ ... بالعدلِ فينا فما أبقوا وما قصدوا

نعطي الزكاةَ فما يرضَى خطيبهُمُ ... حتى يضاعِفَ أضعافُ لها غددُ

أما الفقيرُ الذي كانتْ حلوبتُهُ ... وفقَ العِيالِ فلمْ يتركْ لهُ سبدُ

واختلَّ ذو المالِ والمثرونَ قد بقيتْ ... على التلاتل من أموالِهِمْ عقدُ

فإنْ رفعتَ بهم رأساً نعشتهمُ ... وإنْ لقوا مثلها في قابلٍ فسدوا

وقال الراعي يمدح بشرَ بن مروان: الطويل

<<  <   >  >>