للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أفي أثرِ الأظعانِ عينكَ تلمحُ ... نعمْ لاتَ هنا إنَّ قلبكَ متيحُ

ظعائنُ مئنافٍ إذا ملَّ بلدَةً ... أقامَ الرِّكابَ باكِرٌ متروِّحُ

من المتبعينَ الطرفَ في كلِّ شتوةٍ ... سنا البرقِ يدعوهُ الربيعُ المطرحُ

يسامِي الغمامَ الغرَّ ثمَّ مقيلهُ ... من الشرفِ الأعلى حساءٌ وأبطَحُ

رعينَ قرارَ المزنِ حيثُ تجاوبتْ ... مذاكٍ وأبكارٌ من المزنِ دلحُ

بأرضٍ يثيرُ النقعُ فيها قناعهُ ... كما انتصَّ شيخٌ من رفاعةَ أجلحُ

أقامتْ بهِ حدَّ الربيعِ وجارُها ... أخو سلوةٍ مسى به الليلُ أملَحُ

فلما انتهى نوءُ الربيع وأزمعتْ ... خفوفاً وأولادُ المصاييفِ رشحُ

رماها السفا واعتزَّها الصيفُ بعدما ... طباهنَّ روضٌ من زبالةَ أفيحُ

وحارَبتِ الهيفُ الشمالَ وآذَنتْ ... مذانبُ منها اللدنُ والمتصوحُ

تحملْنَ من ذاتِ التنانيرِ بعدَما ... مضى بينَ أيديها سوامٌ مسرحُ

وعالينَ رقماً فوقَ رقمٍ كسونهُ ... قنا عرعرٍ فيهِ أوانِسُ وضَّحُ

على كلِّ عجعاجٍ إذا عجَّ أقبلَتْ ... لهاةٌ تلاقيها مخالبُ كلَّحُ

فأبصرتُهُمْ حتى تعرضَ دونهُمْ ... ستورٌ وحادٍ ذو غذاميرَ صيدَحُ

وقلنَ لهُ حثَّ الجمالَ وغنها ... بصوتكَ والحادِي أحثُّ وأنجحُ

بإحدى قياقِ الحزنِ في يومِ قتمةٍ ... وضاحِي السرابِ بيننا يتضحضحُ

تواضعُ أطرافُ المخارِمِ دونَهُ ... وتبدو إذا ما غمرةُ الآلِ تنزحُ

فلما دعا داعي الصباحِ تفاضلتْ ... بركبانِها صهبُ العثانينِ قرَّحُ

لحقنا بحي أوبُوا السيرَ بعدما ... دفعنا شعاعَ الشمسِ والطرفُ مجنحُ

تدافعهُ عنا الأكفُّ وتحتهُ ... من الحيِّ أشباحٌ تجولُ وتمصحُ

فلما لحقنا وازدهتنا بشاشةٌ ... لإتيانِ منْ كنا نودُّ ونمدحُ

أتتنا خزامى ذاتُ نشرٍ وحنوةٌ ... وراحٌ وعطارٌ من المسكِ ينفحُ

فنلنا غراراً من حديثٍ نقودهُ ... كما اغبرَّ بالنصِّ القضيبُ المسمحُ

نقاربُ أفنانَ الصبا ويردُّنا ... حياءٌ إذا كدنا نلمُّ فنجمحُ

حرائرُ لا يدرينَ ما سوءُ شيمةٍ ... ويتركنَ ما يُلْحَى عليهِ فيفصِحُ

فأعجلنا قربُ المحلِّ وأعيُنٌ ... إلينا فخفناها شواخصُ طُمحُ

فكائِنْ ترى في القومِ من متقنعٍ ... على عبرةٍ كادتْ بها العينُ تسفحُ

لهُ تظْرَتانِ نحوَهنَّ ونظرةٌ ... إلينا فللهِ المشوقُ المترحُ

كحرانَ منتوفِ الذراعينِ صدَّهُ ... عنِ الماءِ فراطٌ ووردٌ مصبحُ

فقامَ قليلاً ثمَّ باحَ بحاجةٍ ... مصردُ أشرابٍ مرمى منشحُ

إلى المصطفى بشرِ بنِ مروانَ ساورَتْ ... بنا الليلَ حولٌ كالقسِيِّ ولقحُ

نقانقُ أشباهٌ برَى قمعاتِها ... بكورٌ وإسادٌ وميسٌ مشيحُ

فلم يبقَ إلاَّ آلُ كلِّ نجيبةٍ ... لها كاهلٌ جأبٌ وصلْبٌ مكدَّحُ

ضبارمةٌ شدقٌ كأنَّ عيونها ... بناتُ جفارٍ منْ هرامِيتَ نزحُ

فلوْ كنَّ طيراً قدْ تقطعنَ دونكمْ ... بغبرِ الصوَى فيهنَّ للعيْنِ مطرحُ

ولكنها العيسُ العتاقُ يقودُها ... همومٌ بنا منتابُها متزحزحُ

بناتُ نحيضِ الزورِ يبرقُ خدهُ ... عظامُ ملاطيهِ موائرُ جنحُ

لهُ عنقٌ عارِي المحالِ وحارِكٌ ... كلوحِ المحانِي ذو سناسِنَ أفطحُ

ورجلٌ كرجلِ الأخدرِيِّ يشلُّها ... وظيفٌ على خفِّ النعامةِ أروحُ

يقلبُ عينيْ فرقدٍ بخميلةٍ ... كساها نصيُّ الخلفةِ المتروحُ

تروحنَ من حزمِ الجفولِ فأصبحتْ ... هضابُ شرورَى دونها والمضيحُ

وما كانتِ الدهنا لها غيرَ ساعةٍ ... وجوَّ قساً جاوزنَ والبومُ يضبحُ

سمامٌ بموماةٍ كأنَّ ظلالَها ... جنائبُ تدنُو تارةً وتزحزَحُ

ولمّا رأتْ بعدَ المياهِ وضمها ... جناحان من ليلٍ وبيداءُ صردحُ

وأغستْ عليها طرمساءُ وعلقتْ ... بهجرٍ أداوَى ركبِها وهي نزحُ

حذاها بنا روحٌ زواجلُ وانتحتْ ... بأجوازها أيدٍ تمدُّ وتنزحُ

فأضحتْ بمجهولِ الفلاةِ كأنها ... قراقيرُ في آذِيِّ دجلةَ تسبحُ

<<  <   >  >>