للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بحيثُ تلحسُ عن زهرٍ ملمعةٍ ... عينٌ مراتِعُها الصحراءُ والجرعُ

وقال الراعي في بني عقدةَ وقد منعوه الرعي بأرضهم: الطويل

هممتَ الغداةَ همةً أنْ تُراجِعا ... صباكَ وقدْ أمْسَى بكَ الشيبُ شائعا

وشاقتكَ بالعبسينِ دارٌ تغيرتْ ... معارفُها إلاَّ البلادَ البلاقِعا

بميثاءَ سالتْ من عَسِيبٍ وخالطَتْ ... ببطنِ الركاءِ برقَةً وأجارِعا

كما لاحَ وشمٌ في يدَيْ حارثيَّةٍ ... بنجرانَ أدْمَتْ للنؤُورِ الأشاجعا

تبصرْ خليلِي هل ترى من ظعائنٍ ... تجاوزنَ ملحوباً فقلنَ متالعا

جواعِلُ أرْماماً يميناً وصارَةً ... شمالاً وقطعنَ الوهاطَ الدوافِعا

دعاهُنَّ داعٍ للخريفِ ولمْ تكنْ ... لهنَّ بلادٌ فانتجعنَ روافِعا

تمهدنَ ديباجا وعالَينَ عقمةً ... وأنزلنَ رقماً قد أجنَّ الأكارِعا

خدالَ الشوَى غيدَ السوالِفِ بالضُّحى ... عراضَ القطا لا يتخذنَ الرفائِعا

تضيقُ الخدورُ والجمالُ مناخةٌ ... بأعجازِها حتى يلحْنَ خواضِعا

فلمّا استقلَّتْ في الهوادِجِ أقبلَتْ ... بأعيُنِ آرامٍ كُسِينَ البراقِعا

كأنَّ دَوِيَّ الحلْي تحتَ ثيابها ... حصادُ السنا لاقَى الرياحَ الزعازِعا

جماناً وياقوتاً كأنَّ فصوصهُ ... وقودُ الغضا سدَّ الجيوبَ الروادِعا

لهنَّ حديثُ فاترٌ يتركُ الفَتَى ... خفيفَ الحَشا مستهلِكَ القلبِ طامعا

وليسَ بأدْنَى منْ غمامٍ يضيئُهُ ... سنا البرقِ يجلو المشرفاتِ اللوامِعا

بناتُ نقاً ينظُرْنَ من كلِّ كورةٍ ... من الأرضِ محبواً كريماً وتابِعا

وليسَ من اللائِي يبيعُ مخارِقٌ ... بحجرٍ ولا اللائِي خضرنَ المدارِعا

وما زلْنَ إلاَّ أنْ يقلنَ مقيلَةً ... يسامِينَ أعداءً ويهدينَ تابِعا

فشردْنَ يربُوعاً وبكرَ بنَ وائلٍ ... وألحَقْنَ عبساً بالملا ومجاشعا

ولوْ أنها أرضُ ابنُ كوزٍ تصيفتْ ... بفيحانَ ما أحمَى عليها المراتِعا

ولكنَّها لاقتْ رجالاً كأنَّهُمْ ... على قربِهِمْ لا يعلمونَ الجوامعا

ولاقينَ من أولادِ عقدَةَ عصبةً ... على الماءِ ينثونَ الذُّحُولَ الموانِعا

فقلنا لهمْ إنْ تمنعُونا بلادَكُمْ ... نجدُ مذهباً في سائِرِ الأرضِ واسعا

ويمنعكمْ مستَنُّ كلِّ سحابةٍ ... مصابَ الربيعِ يتركُ الماءَ ناقِعا

وبردَ الندَى والجزءَ حتى يغيرَكُمْ ... خريفٌ إذا ما النسرُ أصبحَ واقِعا

وأما مصابُ الغادِياتِ فإنَّنا ... على الهولِ نرعاهُ ولوْ أنْ نقارِعا

نجيُّ نميرِيٍّ عليْه مهابةٌ ... جميعٌ إذا كانَ اللئامُ جنادِعا

هممتُ بهمْ لولاَ الجلالةُ والتُّقَى ... ولمْ ترَ مثلَ الحلمِ للجهلِ وازِعا

وكُنا أناساً تعترينا حفيظةٌ ... فنحمِي إذا ما أصْبَحَ الثغرُ ضائِعا

وقال الراعي أيضاً: الطويل

أمِنْ آلِ وسْنَى آخِرَ الليْلِ زائرُ ... ووادِي الغويرِ دونَنا والسواجِرُ

تخطَّى إلينا رُكنَ هيفٍ وحافراً ... طروقاً وأنَّى منكَ هيفٌ وحافرُ

وأبوابُ حوارِينَ يصرفْنَ دوننا ... صريفَ المحالِ أقلقتْهُ المحاورُ

فقلنَ لها فيئي فإنَّ صحابَتِي ... سلاحِي وفتلاءُ الذراعيْنِ ضامِرُ

وهمٌّ وعاهُ الصدرُ ثمَّ سَما بهِ ... أخُو سفرٍ والناعجاتُ الضوامرُ

ولنْ يدركَ الحاجاتِ حتى ينالها ... إلى ابْنِ أبي سفيانَ إلاَّ مخاطِرُ

فإنَّ لنا جاراً علقْنا حبالَهُ ... كغيثِ الحيا لا يجتويهِ المجاوِرُ

وأمّاً كفتنا الأمهاتِ حفيةً ... لها في ثناءِ الصدقِ جدٌّ وطائرُ

فما أمُّ عبدِ اللهِ إلاَّ عطيةٌ ... منَ اللهِ أعطاها امرءاً فهوَ شاكرُ

هي الشمسُ وافاها الهلالُ بنوهُما ... نجومٌ بآفاقِ السماءِ نظائرُ

تذكرُهُ المعروفَ وهيَ حييةٌ ... وذو اللبِّ أحياناً معَ الحلمِ ذاكِرُ

كما استقبلتْ غيثاُ جنوبٌ ضعيفةٌ ... فأسبلَ ريانُ الغمامةِ ماطرُ

تصدَّى لوضاحِ الجبينِ كأنهُ ... سراجُ الدُّجَى تجبى إليه السوائرُ

<<  <   >  >>