للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كثيرٌ بكفيهِ الندَى حينَ يغتدَى ... عشيةَ لا جافٍ ولا بغضوبِ

كريمُ مناخِ الضيفِ لا عاتِمِ القرى ... ولا عندَ أطرافِ القنا بهيوبِ

عروفٌ لحقِ السائلينَ كأنهُ ... بعقرِ المتالِي طالبٌ بذنوبِ

ترى مترعَ الشيزَى يزينُ فروعها ... عبائطُ متلافِ اليدينِ خصيبِ

كأنَّ سباعَ الغيلِ والطير تعتفي ... ملاحمَ نقاضِ التراتِ طلوبِ

وقال الأخطل يمدح الوليد بن عبد الملك، ويهجو جريراً: الطويل

عفا واسطٌ منْ أهلهِ فمذانبهْ ... فروضُ القطا صحراؤُهُ فنصائبُهْ

وقدْ كانَ محضُوراً أرَى أنَّ أهلَهُ ... بهِ أبداً ما أعجَمَ الخطَّ كاتِبُهْ

ولكنَّ هذا الدهرَ أصبحَ فانياً ... تسعسعَ واشتدَّتْ عليهِ تجاربُهْ

عفا ذو الصفا منهمْ فأمسَى أنيسهُ ... قليلاً تعاوَى بالضباحِ ثعالبُهْ

وحلَّ بصحراءِ الإهالةِ حذلَمٌ ... وما كانَ حلالاً بها إذْ تُحارِبُهْ

خلا لبنِي البرشاءِ بكرِ بنِ وائلٍ ... مجارِي الحصى منْ بطنِ فلجٍ فجانبُهْ

نفَى عنهمُ الأعداءَ فرسانُ غارةٍ ... ودهمٌ يغمُّ البلقَ خضرٌ كتائبُهْ

فنحنُ أخٌ لمْ تلقَ في الناسِ مثلنا ... أخاً حينَ شابَ الدهرُ وابيضَّ حاجبُهْ

وإنّا لصبرٌ في مواطِنِ قومِنا ... إذا ما القَنا الخطيُّ علتْ مخاضبُهْ

وإنا لحمالو العدوِّ إذا غدا ... على مركبٍ لا يستلذُّ مراكبُهْ

وغيرانَ يغلِي للعداوةِ صدرُهُ ... يذبذبُ عني لمْ تنلنِي مخالبُهْ

فإنْ أكُ قدْ فتُّ الكلَيْبِيَّ بالعلى ... فقدْ أهلكتْهُ في الجراءِ مثالبُهْ

فظلَّ لهُ بينَ العقابِ وراهطٍ ... ضبابةُ يومٍ لا توارَى كواكبُهْ

رأيتُكَ والتكلِيفَ نفسكَ دارِماً ... كشيءٍ مضى لا يدرِكُ الدهرَ طالبهْ

فإنْ يكُ قدْ بانَ الشبابُ فربَّما ... أعللُ بالعذْبِ اللذيذِ مشاربُهْ

وليلةِ نجوَى يعترِي أهلَها الصبا ... سلبتُ بها ريماً جميلاً مسالبُهْ

فأصبح محجوباً عليَّ وأصبحتْ ... بظاهره آثارُهُ وملاعبُهْ

وبتنا كأنّا ضيفُ جنٍّ بليلَةٍ ... يعودُ بها القلبَ السقيمَ طبائبُهْ

فيالكِ منِّي هفوةً لمْ أعدْ لها ... ويا لكَ قلْباً أهلَكَتْهُ مذاهِبُهْ

دعانِي إلى خيرِ الملوكِ فضولهُ ... وإني امرؤٌ يثنِي عليهِ ونادِبُهْ

وعالقُ أسبابِ امرئٍ إنْ أقَعْ بهِ ... أقعْ بكرِيمٍ لا تغبُّ مواهبُهْ

إلى فاعِلٍ لَو خايَلَ النيلَ أرجَفَتْ ... منَ النيلِ فواراتُهُ ومشاعبُهْ

وإنْ أتعرَّضْ للوليدِ فإنَّهُ ... نمتهُ إلى خيرِ الفروعِ مضاربُهْ

نساءُ بنِي عبسٍ وكعبٍ ولدنَهُ ... فنعمَ لعمرِي الجالباتُ جوالبُهْ

رفيعُ المنَى لا يستقلُّ بحملهِ ... سؤومٌ ولا مستنكشُ البحرِ ناضبهْ

تجيشُ بأوصالِ الجزورِ قدورهُ ... إذا المحلُ لمْ يرجعْ بعودَيْنِ حاطِبُهْ

مطاعِيمُ تغدُو بالعبيطِ جفانُهُمْ ... إذا القرُّ ألوَى بالعضاهِ عصائبُهْ

وما بلغتْ خيلُ امرئٍ كانَ قبلهُ ... بحيثُ انتهتْ آثارُهُ ومحاربُهْ

وتضحِي جبالُ الرومِ غبراً فجاجُها ... بما اشتعلتْ غاراتهُ ومقانبُهْ

من الغزوِ حتى انضمَّ كلُّ ثميلةٍ ... وحتى انطوتْ من طولِ قودٍ جنائبهْ

يمدُّ المدَى للقومِ حتى تقطعتْ ... حبالُ القوَى وانشقَّ منهُ سبائبُهْ

فتًى الناسِ لمْ تصهِرْ إليهِ محاربٌ ... ولا غنويٌّ دونَ قيسٍ يناسبُهْ

وقال يمدح بشر بن مروانَ: الطويل

صحا القلبُ عنْ أروَى فأقصرَ باطلُهْ ... وعادَ لهُ منْ حبِّ أرْوَى أخابلُهْ

أجدَّكَ ما تلقاكَ إلاَّ مريضةً ... يداوينَ قلباً ما تنامُ بلابلُهْ

عفا واسطٌ منها فآجامُ حامزٍ ... فروضُ القطا صحراؤُهُ فخمائلُهْ

وقدْ كانَ فيها منزلٌ نستلذُّهُ ... أعامِقُ برقاواتهِ فأجاوِلُهْ

وأدتْ إلينا عهدها أمُّ معمرٍ ... فقدْ جعلتنا كالخليطِ تزايلُهْ

دعتها نوًى عنها شطونٌ وليتها ... ثوتْ ما ثوى عندَ الكلابِ جنادِلُهْ

<<  <   >  >>