لقد نهتْكَ سُحَيمٌ عن مُرافعَتي ... أهلَ الفَعالِ وفتيانُ الندى غُيُرُ
لو كانَ من رهْطِ بِسْطامٍ بنو الخَطفى ... أو من حنيفةَ ما دقُّوا وما غَمروا
يا بنَ المراغةِ إنْ تُصبحْ لها نكداً ... فما المراغةُ إلاّ خُبْثَةٌ قَذَرُ
تهجو الرواةَ وقدْ ذكّاكَ غيرُهمُ ... وجزَّؤُوكَ سهاماً حينَ تُجْتَزَرُ
وما الرواةُ بنو اللؤمِ الفَعال لكمْ ... يا بنَ الأتانِ فلا يعجَلْ بكَ الضجَرُ
إنَّ الرواةَ فلا تعجلْ بسبِّهمِ ... بثُّوا القصائدَ في الآفاقِ وانتشروا
وقال يرد على جرير:
ألمْ تُلْمِمْ على الطللِ المُحيلِ ... بغربيِّ الأبارقِ من حَقيلِ
صرفتُ بصاحبي طرباً إليها ... وما طرَبُ الحليمِ إلى الطلولِ
فلمْ أرَ غيرَ آناءٍ أحاطتْ ... على العرَصاتِ منْ حذرِ السيولِ
تنسّفُها البوارحُ فهْيَ دفٌّ ... أشَلُّ ودفُّ مُختَشِعٍ ذَلولِ
ورسمِ مَباءةٍ ورمادِ نارٍ ... وجُونٍ حولَ موقِدِها مُثولِ
ديارٌ من أمامةَ إذ رمتْنا ... بسهمٍ في مُباعدةٍ قَتولِ
رميتِ بمُقلتَيكِ القلبَ حتى ... أصبتِ القلبَ بالثِّقْلِ الكَليلِ
فلما إنْ نزلتِ شِعابَ قلبي ... مددتِ لنا مُباعدةَ البخيلِ
سمعتِ مَقالةَ الواشينَ حتى ... قطعتِ حبالَ صَرّامٍ وصورِ
إذا ذهَلَ المُباعدُ عن وصالٍ ... لجَجْنا في التباعدِ والذهولِ
كأنَّ الحبلَ لم يُوصَلْ تِماماً ... إذا انقطعَ الخليلُ منَ الخليلِ
فخَرْتَ ابنَ الأتانِ ببيتِ لؤمٍ ... ومالَكَ في الأكارمِ من قَبيلِ
ولمْ يكُ جدُّكَ الخَطْفى فَحيلاً ... فتحمدُهُ ولا ثاني الفَحيلِ
كُليبٌ إنْ عددْتَ بني كُليبٍ ... جِحاشَ اللؤمِ في العددِ القليلِ
ولم تُعرفْ كُليبُ اللؤمَ إلاّ ... بشارفِها وبائسِها السَّؤولِ
وما كانتْ بيوتُ بني كُليبٍ ... تَحُلُّ الغيثَ إلاّ بالكَفيلِ
كُليبٌ مُنيةُ الغازي إذا ما ... غزا أو شِقوةُ الضيفِ الدَّخيلِ
فإنكَ قدْ وجدتَ بني كُليبٍ ... قِصارَ الفرعِ باليةَ الأصولِ
فخرْتَ بما بَنَتْ فرسانُ تَيمٍ ... وما أخذوا المعاقلَ من قتيلِ
أبونا التَّيْمُ أكرمُ من أبيكمْ ... وأقربُ للخلافةِ والرسولِ
وتَيمٌ منكَ أوتَرُ للأعادي ... وأدرَكُ حينَ تُطلبُ بالتُّبولِ
وخيرٌ ليلةَ الحدَثانِ منكمْ ... وأسمحُ ليلةَ الريحِ البَليلِ
وبالودّارِ يومَ غزوْتَ تَيماً ... سقَوكَ بمَشرَبِ الكَدِرِ الوَبيلِ
وتَيمٌ أظعنتْكَ فلمْ تَخَلَّفْ ... وتَيمٌ أشخصَتْكَ عنِ الحلولِ
وتيمٌ وجهتكَ لكلِّ أمرٍ ... تحاولهُ ولست بذي حويلِ
بأبرَقَ ذي الجُموعِ غداةَ تَيمٌ ... تقودُكَ بالخِشاشةِ والجَديلِ
فأعطيتَ المَقادةَ واحتملْنا ... على أثَرِ النَّكيشةِ والخمولِ
زميلٌ يتبعُ الأسلافَ منّا ... وما السلفُ المُقدَّمُ كالزميلِ
فلما إنْ لقوا رؤساءَ سارَتْ ... بمَذْحِجَ يومَ تَيْما والشَّليلِ
نزلْنا للكتائبِ حينَ دارَتْ ... وقدْ رعشَ الجبانُ عنِ النزولِ
مُسهَّلةٍ نوافذُها وضرْبٍ ... كأفواهِ المُقرِّحةِ الهُدولِ
فروَّيْنا بمَجِّ الهامِ منهمْ ... مضاربَ كلِّ ذي سيفٍ صَقيلِ
فأمستْ فيهمِ القتلى كخُشْبٍ ... نفاها السيلُ عن درَج المَسيلِ
وخبَّرَ عن مصارعِ من قتلْنا ... فلولُ الجيشِ ثابَ إلى الكلولِ
ويومَ سيوافُكمْ خِزيٌ عليكمْ ... إلى قيسِ الذُّحولِ إلى الذحولِ
ويومَ سيوفُنا شَرْقاً ترَقّى ... معَ القمرَيْنِ منْ عِظمٍ وطولِ
لنا يومُ الكُلابِ فجئْ بيومٍ ... إذا عُدَّ الفَعالُ بهِ بديلِ
ويومَ بني الصَّموتِ رأتْ كِلابٌ ... أسيراً منهمُ بينَ الغلولِ
ويومَ يزيدَ لو أبصرتْ تَيماً ... رأيتَ فوارسَ الحسبِ النبيلِ
أخذْنا عِرْسَهُ فأصابَ سهمٌ ... شوىً منهُ بنافذةِ هَدولِ
ويومَ أغارَ حسانُ بن عوفٍ ... صرعْناهُ بنافذةٍ ثَعولِ