للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تلقى الذي لاقى العدوَّ وتصطبح ... كأساً صبابتُها كطعمِ العلقمِ

نحبو الكتيبةَ حينَ نفترشُ القنا ... طعناً كإلهابِ الحريقِ المضرمِ

منَّا بشجنةَ والذنابُ فوارسٌ ... وعتائدٌ مثلُ السَّوادِ المظلمِ

وبضرغدٍ وعلى السُّديرةِ حاضرٌ ... وبذي أمرَّ حريمهمْ لمْ يُقسمِ

وقال بشر يمدح أوساً:

هلْ أنتَ على أطلالِ ميَّةَ رابعُ ... بحوضى تسائلُ رسمَها أو تطالِعُ

منازلُ منها أقفرتْ بتبالةٍ ... ومنها بأعلى ذي الأراكِ مرابِعُ

تمشَّى بها الثِّيرانُ تردي كأنَّها ... دهاقينُ أنباطٍ عليها الصَّوامِعُ

إلى ماجدٍ أعطى على الحمدِ مالهُ ... جميلِ المحيَّا للمغارمِ دافِعُ

تداركَني أوسُ بنُ سُعدى بنعمةٍ ... وعرَّدَ منْ تُحنا إليهِ الأصابِعُ

تداركَني منهُ خليجٌ فردَّني ... لهُ حدبٌ تستنُّ فيه الضَّفادِعُ

تداركَني من كربةِ الموتِ بعدما ... بدتْ نهلاتٌ فوقهنَّ الودائِعُ

فأصبحَ قومي بعد بُؤسى بنعمةٍ ... لقومكَ والأيَّامُ عوجٌ رواجِعُ

عبيدُ العصا لم يمنعوكَ نفوسهمْ ... سوى سيبِ سُعدى إنَّ سيبكَ واسِعُ

وكنتَ إذا هشَّتْ يداكَ إلى العلى ... صنعتَ فلمْ يصنعْ كصنعكَ صانِعُ

فتًى من بني لأمٍ أغرُّ كأنَّه ... شهابٌ بدافي ظلمةِ اللَّيلِ ساطِعُ

فدًى لكَ نفسي يا ابنَ سُعدى وناقتي ... إذا أبدتِ البيضِ الخدامُ الضَّوائِعُ

ومستسلمٍ بينَ الرِّماحِ أجبتهُ ... فأنقذتَه والبيضُ فيهِ شوارِعُ

بطعنةٍ شزرٍ أو بضربةِ فيصلٍ ... إذا لم يكنْ للموتِ في القومِ دافِعُ

أخو ثقةٍ في النَّائباتِ مرزاءٌ ... لهُ عطنٌ سهلُ المباءةِ واسِعُ

لعمركَ لو كانتْ زنادكَ هجنةٌ ... لأوديتَ إذ خدِّي لخدِّكَ ضارِعُ

وقال بشر يرثي أخاه سميراً وقتله شراحيل بن الأصهب الجعفي:

هل لعيشٍ إذا مضى لزوالِ ... منْ رجوعٍ أمْ هلْ مثمِّرُ مالِ

ما رأيتُ المنونَ عرَّينَ حيّاً ... لا لعدمٍ ولا لكثرةِ مالِ

أصبحَ الدَّهرُ قد مضى بسميرٍ ... بسعورِ الوغى وبالمفضالِ

أريحيّاً أمضى على الهولِ منْ ... ليثٍ هموسِ السُّرى أبي أشبالِ

خضلَ الكفِّ ما يلطُّ إذا ما انْت ... ابهُ مجتدوهُ بالاعتلالِ

يا سميرَ الحروبِ منْ لحروبٍ ... مسعراتٍ يجلنَ بالأبطالِ

ذاتِ جرسٍ تسمو الكماةُ إلى الأب ... طالُ في نقعها سموَّ الجِمالِ

يتساقَونَ سمَّها في دروعٍ ... سابغاتٍ من الحديدِ ثقالِ

كنتَ تصلى نيرانهنَّ إذا ضا ... قتْ لروعاتها صدورُ الرِّجالِ

وصريعٍ مستسلمٍ بينَ بيضٍ ... يتعاورْنهُ وسمرِ العوالي

قد تلافيتَ شلوهُ فوقَ نهدٍ ... أعوجيٍّ ذي ميعةٍ ونقالِ

فصرفتُ السُّمرَ النَّواهلَ عنهُ ... بصقيلٍ من مرهفاتِ النِّصالِ

يا سميرٌ منْ للنِّساءِ إذا ما ... قحطَ القطرُ أُمَّهاتِ العيالِ

كنتَ غيثاً لهنَّ في السَّنة الشَّه ... باءِ ذاتِ الغبارِ والأمحالِ

المهينُ الكومَ الجلادَ إذا ما ... هبَّتِ الرِّيحُ كلّ يومٍ شمالِ

والمفيدُ المالَ التّلادَ لمنْ يع ... فوهُ والواهبُ الحسانَ الغوالي

وقال بشر أيضاً:

تغيَّرتِ المنازلُ بالكثيبِ ... وغيَّر آيها نسجُ الجنوبِ

منازلُ من سليمى مقفراتٌ ... عفاها كلُّ هطَّالٍ سكوبِ

وقفتُ بها أُسائلها ودمعي ... على الخدَّينِ في مثلِ الغروبِ

نأتْ سلمى وغيَّرها التَّنائي ... وقد يسلو المحبُّ عن الحبيبِ

فإنْ يكُ قد نأتْني اليومُ سلمى ... وصدَّت بعدَ إلفٍ عنْ مشيبي

فقدْ ألهو إذا ما شئتُ يوماً ... إلى بيضاءَ آنسةٍ لعوبِ

ألا أبلغْ بني لأمٍ رسولاً ... فبئسَ محلُّ راحلةِ الغريبِ

لضيفٍ قدْ ألمَّ بها عشاءً ... على الخسفِ المبيِّنِ والجدوبِ

إذا عقدوا لجارٍ أخفروهُ ... كما غرَّ الرِّشاءِ من الذَّنوبِ

وما أوسٌ ولو سوَّدتموهُ ... بمخشيِّ العرامِ ولا أريبِ

<<  <   >  >>