للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فما أحدثَ النَّأيُ المفرِّقُ بيننا ... سلوّاً ولا طولُ اجتماعٍ تقاليا

كأنْ لم يكنْ نايٌ إذا كان بعدهُ ... تلاقٍ ولكنْ لا إخالُ تلاقيا

خليليَّ إنْ لم تبكيا ليَ ألتمسْ ... خليلاً إذا أنزفتُ دمعاً بكى ليا

وقالَ خليلي إنَّ تيماءَ موعدٌ ... لبثنَ إذا ما الصَّيفُ ألقى المراسيا

ألمْ يكُ إذ أهلي وأهلكِ جيرةٌ ... تخبِّرني إن بنتُ ألا تلاقيا

ذري ردَّ قولٍ قد مضى كنتُ قلتهُ ... ولِعتِ به أو ضلَّةً من ضلاليا

فإنَّكِ لو تجلينَ نحو تِهامةٍ ... أو الرُّكنِ من حورانَ أصبحتُ جاليا

وقد خفتُ أن يغترَّني الموتُ بغتةً ... وفي النَّفسِ حاجاتٌ إليكِ كما هيا

وإنّي لتُنسيني الحفيظةُ كلَّما ... لقيتكِ يوماً أن أبثَّكِ ما بيا

ألم تعلمي يا عذبةَ الماءِ أنّني ... أظلُّ إذا لم أُسقَ ماءكِ صاديا

وما زلتِ بي يا بثنَ حتَّى لو أنَّني ... من الوجدِ أستبكي الحمامَ بكى ليا

وددتُ على حبِّي الحياةَ لو أنَّها ... يزادُ لها في عمرها من حياتيا

فأقسمتُ لا ألحو محبّاً ولا أرى ... له لاحياً إلاّ دعوتُ الجوازيا

وإلا اعترتني عبرةٌ بعدَ فترةٍ ... وإلا تداعى الحبُّ منّي تداعيا

فلا تسمعوا قولاً لهمْ إن تظاهروا ... عليَّ بلومٍ أنتَ سدَّيتهِ ليا

فما زادني الواشون إلاّ صبابةً ... ولا زادني النَّاهونَ إلاّ تماديا

إذا علمتْ وجدي بها وصبابتي ... فإنَّ المنايا قاصداتٌ وشاتيا

وقال جميل أيضاً:

لقد أورثتْ قلبي وكان مصحَّحاً ... بثينةُ صدعاً يومَ طارَ رداؤها

إذا خطرتْ من ذكرِ بثنةَ خطرةٌ ... عصتني شؤونُ العينِ فانهلَّ ماؤها

فإنْ لم أزرها عادني الشَّوقُ والهوى ... وعاودَ قلبي من بثينةَ داؤها

وكيفَ بنفسٍ أنتِ هيَّجتِ سُقمها ... ويمنعُ منها يا بُتينُ شفاؤها

لقد كنتُ أرجو أن تجودي بنائلٍ ... فأخلفَ نفسي من جداكِ رجاؤها

فلو أنَّ نفسي يا بثينُ تُطيعني ... لقد طالَ عنكمْ صبرها وعزاؤها

ولكن عصتني واستبدَّتْ لإمرها ... فأنتِ هواها يا بثينُ وشاؤها

فأحيي هداك الله نفساً مريضةً ... طويلاً بكمْ تهيامها وعناؤها

وكمْ وعدتنا من مواعدَ لو وفتْ ... بوأيٍ فلم تنجزْ قليلٍ غناؤها

وكم لي عليها من ديونٍ كثيرةٍ ... طويلٌ تقاضيها بطيءٌ قضاؤها

تجودُ به في النَّومِ غيرِ مصرَّدٍ ... ويحزنُ أيقاظاً عليها عطاؤها

إذا قلتُ قد جادتْ لنا بنوالها ... أبتْ ثمَّ قالت خطَّةٌ لا أشاؤها

أعاذلتي فيها لكِ الويلُ أقصري ... من اللَّومِ عنّي اليومَ أنتِ فداؤها

فما ظبيةٌ أدماءُ لاحقةٌ الحشا ... بصحراءِ قوٍّ أفردتها ظباؤها

تراعي قليلاً ثمَّ تحنو إلى طلا ... إذا ما دعتهُ والبغامُ دعاؤها

بأحسنَ منها مقلةً ومقلَّداً ... إذا جليتْ لم يستطاعُ اجتلاؤها

وتبسمُ عن غُرٍّ عذابٍ كأنَّها ... أقاحٍ حكتها يومَ دجنٍ سماؤها

إذا اندفعتْ تمشي الهوينى كأنَّها ... قناةٌ تعلَّتْ لينها واستواؤها

إذا قعدتْ في البيتِ يشرقُ بيتها ... وإن برزتْ يزدادُ حسناً فناؤها

قطوفٌ ألوفٌ للحجالِ يزينها ... معَ الدَّلِّ منها جسمها وحياؤها

منعَّمةٌ ليستْ بسوداءَ سلفعٍ ... طويلٌ لجيرانِ البيوتِ نداؤها

فدتكِ من النّسوانِ كلُّ شريرةٍ ... صخوبٍ كثيرٍ فُحشها وبذاؤها

فهذا ثنائي إن نأتْ وإذا دنتْ ... فكيفَ علينا ليتَ شعري ثناؤها

وقال جميل أيضاً:

وغرِّ الثَّنايا من ربيعةَ أعرضتْ ... حروبُ معدٍّ دونهنَّ ودوني

تحمَّلنَ من ماءِ الثُّديِّ كأنَّما ... تحمَّلنَ من مرسًى ثقالَ سفينِ

فلمَّا دخلنَ الخيمَ سدَّتْ فروجهُ ... بكلِّ لبانٍ واضحٍ وجبينِ

وعالَينِ رقماً فوقَ كلِّ عذافرٍ ... إذا حثَّ رخوُ الأخدعينِ ذقونِ

كأنَّ الخدورَ أولجتْ في ظلالها ... ظباءُ الملا ليستْ بذاتِ قرونِ

إلى رجّحِ الأعجازِ حورٍ نمى بها ... مع العتقِ والأحسابِ صالحُ دينِ

<<  <   >  >>