للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبحيث لو هلك لنصب بعده بمكانه، وحسبما اقتضاه ما أخذه على الناس من العهد بذلك، واقتضاه من الأيمان الغليظة المحرجة شأن من يأخذ العهد لولده من الملوك" (١).

[إعداد ولي العهد وتدريبه على شؤون الحكم]

كان اختيار ولي العهد للولاية يتم قبل إعلان الاختيار الرسمي بوقت طويل، فقد كان الأمير أو الخليفة يتعهد من يرشحه للولاية منذ نعومة أظفاره، فيهتم بتأديبه، وتثقيفه، ويختار له أفضل المؤدبين من الفقهاء والمحدثين، لينشأ مثقفاً ملماً بمعارف شتى، سواء منها ما كان يتصل بالثقافة العامة كعلوم الدين والأدب والتاريخ وسير الأولين، أو ما كان يتصل بالثقافة السياسية الخاصة بتدبير الأمور وسياسة الرعية.

فهذا الخليفة الحكم المستنصر رغم أنه اختار الفقيه أحمد بن محمد بن يوسف المعافري (٢) لتأديب ولي العهد هشام المؤيد (٣)، إلا أن الخليفة كان يتدخل في عملية التأديب فرسم للمؤدب الخطة التي عليه أن يعمل بمقتضاها في تأديب ولي العهد، وحدد له مكاناً خاصاً يتمكن من خلاله متابعة ولده ومؤدبه، فلما ظهرت علامات الاستيعاب على الولد عبر


(١) - أعمال الأعلام، ٢/ ٤١.
(٢) - هو أبو القاسم أحمد بن محمد بن يوسف المعافري، الملقب بالقسطلي، قرطبي، رحل إلى المشرق سنة ٣٤٢ هـ وعاد إلى الأندلس سنة ٣٤٥ هـ حيث تولى أحكام الشرطة وجلس في الجامع لنشر الحديث، وكانت وفاته رحمه الله بسبب سقوطه في الحمام، وذلك في شهر صفر سنة ٣٦٨ هـ، انظر: ابن الفرضي، ترجمة رقم ١٦٦.
(٣) - المقتبس، تحقيق: د. الحجي ص ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>