للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبما أن المجال الذي نتحدث فيه هو عن الفتوى أو الإفتاء، فإن من الظواهر الملموسة جهل الكثير من أبناء الأمة الإسلامية بالكثير من أمور دينهم، وهنا يأتي دور المفتي في الإجابة على أسئلة الذين يعانون من نقص في معلوماتهم الشرعية.

والمستفتي يسير في معالجة هذا النقص وفق الإرشاد الذي يقدمه له المفتي، من هنا تتضح عظم المهمة الملقاة على عاتق المفتي تجاه أمته، ولذا فإن من عُرف بالتساهل والتسرع لا يجوز أن يستفتى، لأنه في هذه الحالة عرضة لأن يَضل أو يُضل، بل إن المفتي الذي يتعمد إفتاء العامة بالتشديد والخاص من ولاة الأمور بالتخفيف وذلك في المسائل التي فيها أكثر من قول، هو رجل قد فرغ قلبه من تعظيم الله تعالى، وانصرف بكليته إلى الدنيا وحب الرئاسة والتقرب إلى الخلق دون الخالق (١). وما أشبه هذا بالمفتي الماجن "الذي لا يبالي أن يُحرم حلالاً أو بالعكس" (٢) وبمقابل هذا فإن الفتيا لا تجوز إلا بما يرويه العدل عن المجتهد الذي يقلده المفتي (٣).

[ثقافة المفتي]

اهتم الأندلسيون بشدة في المفتي أو المشاور، حتى أن بني أمية كانوا لا يقدمون لهذا المنصب إلا من كان عالماً، ولا يكتفى بذلك، بل لابد من


(١) - المصدر السابق، ١/ ٧٤.
(٢) - كشاف اصطلاحات الفنون، ٣/ ١١٥٦ - ١١٥٧.
(٣) - تبصرة الحكام، ١/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>