للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الفقيه الموثق ابن العطار يُعزل عن خطة الشورى ويُسقط عن الفتيا وذلك بسبب تمالؤ الفقهاء عليه (١).

وهكذا نجد أنفسنا أمام فئة أقل ما يقال عن العلاقة بين أفرادها أنها غير ودية نوعاً ما ولذا فلا عجب عندما نرى أن أحدهم يُسجَّل عليه بالسخطة ويعزل عن منصبه، ثم إن فقهاء الشورى بعلاقاتهم تلك قد فتحوا المجال أمام رجال السلطة من حجاب ووزراء وغيرهم، بالدخول بينهم وزيادة التوتر في علاقاتهم، مما يجعل أحدهم صيداً سهلاً للحكام، حتى أن المنصور بن أبي عامر لم يحتمل أن يصحح له الفقيه ابن العطار كلمة أخطأ فيها المنصور واعتبر ذلك إهانة، فوبخه وأمر بإخراجه واستمال الكثير من الفقهاء للشهادة ضده حتى أُسقط عن رتبته (٢).

[رفض منصب الشورى]

كان الفقيه المشاور ينظر إلى منصبه نظرة كلها حذر، ويكفي للدلالة على نظرته تلك ومعاناته من ذلك المنصب، ما أورده ابن بشكوال من أن شيخ أهل الشورى في زمانه الفقيه محمد بن عتاب بن محسن الجذامي، المتوفى سنة (٤٦٢) هـ (١٠٧٠ م) كان يهاب الفتوى ويخاف عاقبتها بالآخرة، وكان يقول: "من يحسدني فيها جعله الله مفتياً" وإذا


(١) - نفسه، ٧/ ١٤٨.
(٢) - نفسه، ٧/ ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>