للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن خروج عبد الله ضد والده الخليفة، أمر يحتاج إلى وقفه، فقد عُرف عبد الله بالعلم والزهد والذكاء والنبل، ومن كانت هذه صفاته فهو جدير بالاحترام، الأمر الذي دفع بعض المؤرخين إلى التصريح بكفاءته لتولي الخلافة (١)، وطبيعي أن الصفات والأخلاق التي امتاز بها عبد الله ليست كافية لإعلان القيام ضد والده، لكن الأفكار الوافدة من المشرق والتي كان عبد الله يتلقفها سواء عن طريق الكتب أو عن طريق مجالسته للعلماء، الذين امتاز بعضهم بالطموح كابن عبد البر (٢)، يضاف إلى ذلك إحساس عبد الله بأن والده قد ظلمه، عندما قدم أخاه عليه، مع شعوره بأنه أكفأ منه، وإذا أضفنا إلى كل ذلك الشخصية الطموحة لعبد الله، أدركنا أن تفكيره بالمطالبة بما يرى أنه حق من حقوقه، أمر واقع لا محالة، إلا أنه رغم كل المبررات فإن خروجه ضد والده هو عقوق لا جدال فيه.

وفي أواخر القرن الرابع الهجري ومطلع القرن الخامس الهجري، صدر خطاب من الخليفة هشام المؤيد يقضي بتعيين عبد الرحمن بن المنصور ابن أبي عامر الشهير بشنجول ولياً للعهد من بعده (٣)، وسماه باسم خلافي


(١) - أعمال الأعلام، ٢/ ٣٩.
(٢) - هو أبو عبد الملك أحمد بن محمد بن عبد البر، قرطبي من موالي بن أمية، كان بصيراً بالحديث فقيهاً نبيلاً متصرفاً في فنون العلم، وكان علم الحديث أغلب عليه، له كتاب مؤلف في فقهاء قرطبة، توفي في السجن لليلتين بقيتا من رمضان سنة ٣٣٨ هـ رحمه الله. انظر: ابن الفرضي، ترجمة رقم ١٢٠. الحلة السيراء، ١/ ٢٠٧ - ٢٠٨.
(٣) - البيان المغرب، ٣/ ٤٣ - ٤٦. أعمال الأعلام، ٢/ ٩٠ - ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>