وأفضوا إلى دار الجند وقد ترتب فيها رجالة الرماة، لابسي أنواع الثياب الملونة، وعلى رؤوسهم المقاريف الدرية وقد تنكبوا القسي الكبار أشباه الحنايا، بأيديهم الطبرزينات والأجوزة والدماغات والأعمدة؛ فعندها تقدم صاحب الشرطة إلى موضع نزوله في المجلس القبلي بدار الوزراء مع أصحابه، وتأخر محمد بن أبي عامر وصحبه المتكنفون لجعفر وأخيه يحيى وبني خزر بجماعتهم عن مداه، فنزلوا عند باب السدة، وصاروا إلى مجالس الجند مع أصحابهم، وقد استوى جلوس الخليفة المستنصر بالله على السرير بالمجلس القبلي الموفي على الرياض المنيفة على السطح العلي؛ (وكان) قد تقدم بإنذار الإخوة فمن دونهم من طبقات أهل المملكة، بالحضور أحفل ماجرت به عادتهم، فأهطعوا لدعوته وتوصلوا على مراتبهم إلى محلة، فكان أول مأذون له منهم الإخوة الثلاثة، قعد منهم أبو الأصبغ عبد العزيز شقيقه عن يمينه، وتحته أبو المطرف المغيرة أصغرهم، وقعد عن يساره أبو القاسم الأصبغ، ثم توصل الوزراء فقعدوا على مراتبهم بأثر الأخوة بعد فجوة، وقام الحاجب منهم عن ذات اليمين: جعفر بن عثمان وصاحب الحشم محمد بن قاسم بن طملس وَوَلِيَ محمد بن قاسم صاحب الخيل زياد بن أفلح؛ ثم توصل أصحاب الشرطة العليا والوسطى فقاموا حجاباً على منازلهم عن ذات اليمين أو اليسار، ثم أذن لأصحاب المخزول والخُزَّان والعُرَّاض وغيرهم من طبقات أهل الخدمة، ولمن أنذر من قريش والموالي والقضاة والفقهاء والعدول، فتوصل جميعهم ومثلوا قياماً على أقدامهم، وقام صفان من الكتَّاب والمقدمين والوصفاء الأكابر ومن دونهم من