بالتقديم والتسليم، ثم تلاه يحيى أخوه ثم قدم بنو خزر الأسن فالأسن، فقضوا ما عليهم من ذلك وأمرهم الخليفة بالقعود إكراماً لهم، وقُدِّم أصحابهم إثرهم الأسن فالأسن فقبلوا وسلموا، وشافه الخليفة جعفراً قبلهم فأوسع يسأله عما لديه وبسطه وفعل ذلك بأخيه يحيى وبني خزر أصحابهما، ونطق بتقبل نزعهم وتحقيق رجائهم واعتقاد مكافأتهم على محبتهم وصياغتهم ووعدهم بالإحسان إليهم والتشريف لهم، فأعلنوا الشكر واستهلوا بالدعاء وأكثروا من الثناء وحمدوا الله تعالى على مامنحهم له من تجديد إسلامهم وتأكيد إيمانهم، في قصدهم حرم أمير المؤمنين وإسنادهم إلى عز سلطانهم ونبذهم لدعوة الضلال وشيعة الكفار، واعتياضهم من ذلك بالسنة والجماعة والعز والطاعة، وغرب جعفر بن علي في غرابة الأدب مقامه ذلك عند مشافهة أمير المؤمنين له، إذ كان لا يرد الجواب إليه إلا بعد أن يستوي قائماً ويكلمه فيرد جوابه إلى أن انقضى المجلس، فاستُبدع ذلك من أدبه، وانطلقت الجماعة من المجلس عند انتهائه، فصاروا إلى مقعدهم الأول في مجلس الجند، ومحمد بن أبي عامر وصحبه الموكلون بهم لا يفارقونهم إلى أن ركب بهم صاحب الشرطة العليا القائد هشام بن محمد بحضرتهم لمنصرفهم، فركبوا معه وسار بهم مشيعاً لهم ومبلغاً إلى الوزراء الذين تقدم الأمر بإنزالهم فيها بقرطبة، وكان ركوبهم من الموضع الذي نزلوا فيه عند الأبهاء بدار الجند، وابن أبي عامر وصحبه لا يزايلونهم، فخرجوا من قصر الزهراء مع هشام بن محمد، والترتيب الذي جاؤوا فيه على هيئته، فبلغوا زعيمهم جعفر بن علي إلى