للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استجد من الأمور، ويستمعوا لتوجيهاته، كما أنه إذا شفي من علة ألمت به، كان أول شيء يقوم به هو الجلوس لاستقبالهم (١).

وإذا أجرى الأمير أو الخليفة عملية فصد، تسابق الشعراء إلى إلقاء قصائدهم في هذه المناسبة، بين يديه، فالخليفة عبد الرحمن الناصر عندما أجرى أول فصاد له في الزهراء أنشد أبو عثمان عبيد الله بن يحيى بن إدريس (٢) قصيدته التي مطلعها:

اليوم تعترف القصور بأسرها … لهلالها ولشمسها ولبدرها

إلى أن قال:

فكأنما انفجر العبير بفصده … فجرى على وجه البلاد بعطرها (٣)

كما أن زوجاته يحاولن أن يقدمن له كل طريف بهذه المناسبة، ومن أطرف ما ورد في هذا، ما ذكره المقري من أن الخليفة عبد الرحمن الناصر عندما جلس للفصد، وأخذ الطبيب يجس يده، أقبل طائر زرزور فأخذ يردد بعض الكلمات التي تم تدريبه عليها، فسر الخليفة بذلك، وعندما


(١) - المقتبس، تحقيق: د. محمود مكي، ص ٢٧. المصدر نفسه، تحقيق: د. عبد الرحمن الحجي، ص ٢٠٣ - ٢٠٤.
(٢) - أبو عثمان عبيد الله بن يحيى بن إدريس قرطبي، كان متفننا في ضروب العلم، ثقة، شاعراً، جامعاً للسنن، حافظاً للغريب، متواضعاً شريفاً بنفسه وسلفه، تولى أحكام الشرطة ثم الوزارة، ورغم ذلك فقد كان يؤذن في مسجده وهو وزير توفي رحمه الله في انسلاخ ذي القعدة سنة ٣٥٢ هـ. انظر: ابن الفرضي، ترجمة رقم ٧٦٧.
(٣) - المقتبس، تحقيق: شالميتا، ص ٤٤ - ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>