للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يتم بناء المساجد من بيت مال المسلمين، فالأمير عبد الرحمن الداخل قام ببناء جامع قرطبة من مال الأحباس (١)، وبيت مال المسلمين هو ساعد قوي للدولة عند تعرضها لأزمة اقتصادية (٢)، وإذا أراد الأمير أو الخليفة الأموي القيام بوجه من أوجه الخير، مثل غزاة، أو إصلاح موضع من الثغور، أو مدافعة عدو عن المسلمين، دفع إليه القاضي من بيت مال المسلمين ما يراه على طريق المعونة، وصلاح أمور المسلمين (٣). وفي الفتنة البربرية، أثناء محاصرة البربر لقرطبة سنة (٤٠١) هـ (١٠١٠ م) وافق قاضي الجماعة أحمد بن عبد الله بن هرثمة بن ذكوان (٤) على إعطاء المدافعين


(١) - محمد بن عبد الوهاب الغساني، رحلة الوزير في افتكاك الأسير، (بعناية: الفريد البستاني، نشر مؤسسة الجنرال فرانكو ١٩٣٩ م) ص ١٩.
(٢) - قضاة قرطبة، ص ٩٣ - ٩٤.
(٣) - ابن عبدون، ص ١١.
(٤) - أبو العباس أحمد بن عبد الله بن هرثمة بن ذكوان بن عبد الله بن عبدوس بن ذكوان، أصله من جيان، كان من شيوخ أهل العلم، مذكوراً بالفضل، من أهل بيت فهم وعلم ورياسة، كان ملازماً للمنصور بن أبي عامر، لايفارقه في حضر ولاسفر، والمنصور دائم الاستشارة له، ولاه خطة الرد، ثم قضاء الجماعة، ثم جمع له الصلاة والخطبة، وفي عهد المظفر استمرت مكانة ابن ذكوان بازدياد لديه، رغم تعرضه للعزل عن مناصبه مدة تسعة أشهر، وقد كان المظفر ما يجري شيئا من أمور الدولة إلا عن مشورة ابن ذكوان، وفي عهد عبد الرحمن بن المنصور أصبح ابن ذكوان قاضي القضاة، فهو أول من تسمى بهذا الاسم في الأندلس، كما ولاه عبد الرحمن الوزارة، وبذلك فهو أول من جمع بين المنصبين في الأندلس، فلما تولى المهدي الخلافة، وكان حاقداً على ابن ذكوان، نزع عنه مسمى قاضي القضاة، وأبقاه على قضاء الجماعة، ولم يجرؤ على مساسه بالأذى لجلالة مكانته في قلوب الخاصة والعامة، وفي سنة ٤٠١ هـ تم طرد بني ذكوان من الأندلس إلى العدوة المغربية، بسبب مكائد واضح الصقلبي، لأن ابن ذكوان كان يدعو للسلم والصلح مع البربر، وبعد أن قُتل واضح، عاد ابن ذكوان وأسرته إلى الأندلس، إلا أنه رفض المناصب رغم الإلحاح عليه، ومازال ابن ذكوان عظيم أهل الأندلس قاطبة، وأعلاهم محلاً، وأوفرهم جاهاً، هيبته في مرتبة هيبة الخليفة، إلى أن توفي رحمه الله، حيث دفن بعد صلاة العصر من يوم الأحد لتسع بقين من رجب سنة ٤١٣ هـ، بمقبرة بني العباس، عن إحدى وسبعين سنة، ولم يتخلف عن شهود جنازته كبير أحد من الخاصة أو العامة، وشهد الصلاة عليه الخليفة يحيى بن علي بن حمود، فقدم للصلاة عليه أخاه أبا حاتم محمد بن عبد الله بن ذكوان صاحب المظالم. انظر: جذوة المقتبس، ترجمة رقم ٢٢٣. ترتيب المدارك ٧/ ١٦٦ - ١٧٥. الصلة، ترجمة رقم ٦٥. المرقبة العليا، ص ٨٤ - ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>