فلا عجب إذاً والحالة هذه أن يعمل أولئك الوزراء على إسقاطه بأي صورة.
وإذا تتبعنا حال الحجابة في الدولة الأموية بالأندلس، نجد أن متوليها حتى نهاية خلافة الحكم المستنصر لايختلف عن الوزارء بشيء، اللهم إلا ببعض الرسوم التي عرفناها، فهو لايعدو كونه منفذ للأوامر الصادرة إليه من الأمير أو الخليفة، حتى أن عزله واعادة تنصيبه تتم بمنتهى السهولة (١)، ولذا فهو أشبه مايكون بوزير التنفيذ، إلا أن الأمر تبدل منذ وصول المنصور محمد بن أبي عامر إلى الحجابة في عصر الخليفة هشام المؤيد، إذ أصبح بحق رئيساً للوزراء، فهو يعزل منهم من شاء ويبقي من أراد، وبذلك تحول منصب الحاجب من وزير تنفيذ إلى وزير تفويض.
ولقد جرت في منصب الحجابة حادثة فريدة لم تحدث إلا مرة واحدة خلال تاريخ دولة بني أمية بالأندلس، فقد وجد حاجبان اشتركا معاً في تولي الحجابة، وذلك أن الخليفة هشام المؤيد أصدر أوامره بإشراك الوزير القائد الأعلى غالب بن عبدالرحمن الناصري في منصب الحجابة مع جعفر المصحفي، فأصبح فراش غالب في الصدر وعن يمينه جعفر المصحفي وعن يساره ابن أبي عامر، واستمر الاشتراك بالحجابة قرابة أربعة أشهر تقريباً وكان ذلك راجعاً لدهاء ومكر المنصور وحيلته ليضرب أهم شخصيتين في الدولة بعضهما ببعض، ثم أصدر الخليفة أمره في يوم