للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمير بعزله عن الوزارة لكنه عندما احتاج إليه وعرف سداده لم يقبل ابن وانسوس العودة إلى الوزارة إلا بعد أن أرسل إليه الأمير مباشرة (١).

وفي قصة الوزير ابن وانسوس دلالة أكيدة على عظم وزراء بني أمية، وفي الوقت نفسه تدل على أن بني أمية رجال أفذاذ يحرصون بشدة على الاستعانة بعظماء الرجال ذوي المروءة والرأي.

ولعل هذا ما دلت عليه مقولة الطرطوشي، أن "أول ما يظهر من نبل السلطان وقوة تمييزه وجودة عقله في استنخاب الوزراء" (٢).

وهناك حالات يُعزل فيها الوزير عن منصبه، ومن عُزل يرفع فراشه، وحيث أن بني أمية يحرصون على الوزير المشهود له بالمروءة وحسن الرأي فإن نقصها يكون سبباً في عزل الوزير عن الوزارة، وهذا ما فعله الأمير الحكم الربضي عندما أصدر أمره بطرد الوزير أبي البسام من منصبه بعد غدره بالفقيه طالوت بن عبد الجبار المعافري (٣).

ومن الحالات أيضاً التي يتم فيها عزل الوزير عن الوزارة إذا صدر من الوزير لفظ زائد يجعله موضعاً للشك والريبة، وهذا ما جرى للوزير البراء بن مالك فقد عُرف عنه أنه في منطقه فضل، وحدث أن كان في


(١) انظر: جذوة المقتبس، رقم ٤٥٩. الحلة السيراء، ١/ ١٢٤.
(٢) سراج الملوك ص ١٣١.
(٣) طالوت بن عبد الجبار المعافري، أحد تلاميذ الإمام مالك بن أنس، اشتهر طالوت بالصلاح والفضل، وكان ممن اتهم في الهيج ضد الأمير الحكم الربضي. انظر: ابن القوطية، ص ٥٣ - ٥٥. ترتيب المدارك، ٣/ ٣٤٠ - ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>