للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد أن عانى الخليفة الحكم المستنصر وقواته كثيراً بسبب شدة صمود البربر ضد جيوشه في العدوة، بدأت نظرته لهم تتغير، فأخذ يرسل الأموال لاستمالتهم فنجح في ذلك (١)، واستخدم كثيراً من الوافدين إليه في جيشه (٢). ولم يتوقف الأمر على ذلك، بل إن كراهيته السابقة لهم تحولت إلى إعجاب فقد صار يستمتع بالنظر إلى فرسانهم وهم يستعرضون مهاراتهم في ركوب الخيل، ويكيل المديح لهم أمام سامعيه (٣).

هذه الحالة استغلها المنصور بن أبي عامر، حيث أدرك أنه بهم سيحقق أهدافه الخاصة، إذ أنه متى ما فرضهم على بقية الطوائف في الجيش الأموي بالأندلس فإن ذلك سيحدث شحناء بين تلك الطوائف وبين البربر، والبربر بدورهم يرون في المنصور الملاذ الذي يحميهم من سطوة الآخرين، وبذلك ضمن المنصور الولاء الدائم من البربر، من أجل ذلك عمد إلى زيادة أعدادهم في جيشه من خلال استدعائهم من العدوة، فأرسل إلى رؤسائهم وشجعان فرسانهم، فأقبلت عليه قبائل زناتة ومغراوة وإزداجة وصنهاجة، وبنوبرزال وبنو يفرن وغيرهم، فكان ينتقي من تلك الجموع الهائلة من تثبت كفاءته لديه ويلحقه بديوان الجند عنده (٤).


(١) - نفسه، ص ١٩١ - ١٩٢.
(٢) - نفسه، ٩٦، ١١٥، ١٢٣ - ١٢٤، ١٧١ - ١٧٣، مفاخر البربر، ص ٤٤.
(٣) - المقتبس، تحقيق: د. عبد الرحمن الحجي ص ١٩٣.
(٤) - أعمال الأعلام، ٢/ ٦٦. مفاخر البربر، ص ٤٤ - ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>