للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنصور يندم على فعلته، ويتمنى لو تمكن من هدم كل ما عَمّره في منطقة الثغور (١).

وقد سار عبد الملك المظفر بن المنصور على نهج أبيه في إعمار الثغور (٢)، حتى أنه جعل لكل من له رغبة في استيطان الثغور، إثبات اسمه في الديوان، ويتم صرف راتب له مقداره ديناران في الشهر، وله مع ذلك المنزل والمحرث (٣).


(١) - عندما حضرت المنصور الوفاة، أخذ يبكي ولما سأله حاجبه كوثر الفتى عن سبب هذا البكاء أجابه قائلاً: "مما جنيت على المسلمين، فلو قتلوني وحرقوني ما انتصفوا مني، … لما فتحت بلاد الروم ومعاقلهم عمرتها بالأقوات من كل مكان وسجنتها بها حتى عادت في غاية الإمكان، ووصلتها ببلاد المسلمين، وحصنتها غاية التحصين، فاتصلت العمارة، وها أنا هالك وليس في بني من يخلفني، وسيشتغلون باللهو والطرب والشرب، فيجيء العدو فيجد بلاداً عامرة وأقواتاً حاضرة فيتقوى بها على محاصرتها، ويستعين بوجدانها على منازلتها، فلا يزال يتغلبها شيئاً فشيئاً ويطويها طياً فطياً حتى يملك أكثر هذه الجزيرة، فلو ألهمني الله إلى تخريب ماتغلبت عليه وإخلاء ماتملكت .. " انظر: ابن الكردبوس، ص ٦٤ - ٦٥.
(٢) - ذكر ابن عذاري أن الحاجب عبد الملك المظفر في غزوته الأولى سنة ٣٩٣ هـ عهد إلى جنده ألا يحرقوا منزلاً ولا يهدموا بناءاً، وذلك لما ذهب إليه من إسكان المسلمين في المناطق المفتوحة. انظر: البيان المغرب، ٣/ ٧.
(٣) - المصدر السابق، ٣/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>