للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبصفة عامة فإن الحملات العسكرية الضخمة لا تخرج إلا بعد إعداد مسبق لها، فالصوائف يبدأ التجهيز لها في شهر يونيه (١)، بعد أن تدرس الحالة الإقتصادية في الأقاليم التي سوف يمر عليها الجيش، وبالذات المحصولات، إذ أن الجيش كان يعتمد عليها في تمويله، يدل على ذلك أن السنوات التي يعم فيها القحط لا تكون فيها صائفة (٢).

ويبدو أن المنصور بن أبي عامر قد فطن لهذا الوضع، فعمل على تجاوز تلك الحالات الطارئة التي سيحول وقوعها دون قيامه بغزواته، لأجل ذلك قام بإنشاء مستودعات ضخمة خزّن فيها المحاصيل، ولم يكتف بذلك بل كان يستغل سنوات الخصب فيشتري كميات ضخمة منها، ويدخلها في تلك المستودعات بالإضافة إلى ما يأمر بزراعته من الشعير (٣).


(١) - أعمال الأعلام، ٢/ ٩٨.
(٢) - البيان المغرب، ٢/ ١٦٨.
(٣) - انظر: أعمال الأعلام، ٢/ ٩٩، ١٠٢، ويبدو أن المنصور كان يخزن في مستودعاته محاصيل ضخمة جداً، حتى داخله العجب بنفسه، ويذكر ابن الخطيب "أعمال الأعلام، ٢/ ٩٩. أن المنصور بعد أن علم أن مستودعاته تحوي أكثر من مائتي ألف مدي من الحبوب داخله العجب وقال: "أنا أكثر طعاماً من يوسف صاحب الخزائن" فتوالت بسبب هذه الكلمة سني القحط حتى أتت على جميع مدخراته بل كاد أهل الأندلس أن يذهبوا إلى العدوة المغربية بسببها. وهذا مؤشر على شخصية المنصور الطاغية المغرورة، وصدق الله العظيم، "كلا إن الإنسان ليطغى، آن رآه استغنى".

<<  <  ج: ص:  >  >>