للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلك المنطقة (١) ومن خلال هذا التدرج في انتشار الأربطة، أدرك الأندلسيون أهميتها، وتسابق المجاهدون منهم إلى إعمارها والحرص على جعلها عقبة كئودا أمام الأعداء، لكي لا يروعوا المسلمين الآمنين في داخل البلاد، وقد سجل عصر الأمير عبد الرحمن الأوسط البدايات الأولى للأربطة في الأندلس، إذ بعد أن عاني المسلمون هناك من شدة وطأة الغزوة الأولى للنورمانديين، أخذت الأربطة تظهر تباعاً على طول السواحل الشرقية والجنوبية الشرقية الأندلس، فعرفت في تلك المنطقة الشاسعة أربطة عدة، من أشهرها:

"رباط المرية": وهو أشهر وأهم الأربطة التي عرفها الأندلسيون، واسم هذا الرباط يوضح الهدف منه، إذ أن موقعه اتخذ مرأى لاكتشاف ما يمكن أن يأتي من البحر على حين غرة (٢) وبالذات بعد الهجوم النورماندي الأول الذي وقع في عصر الأمير عبد الرحمن الأوسط، وبالإضافة إلى هذا فرباط المرية محرس بحري لمدينة بجانه التي هي على بعد ستة أميال شمالاً (٣).


(١) - المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب، ص ١١٢.
(٢) - الروض المعطار: ٥٣٧. ويذكر الدكتور حسيبن مؤنس أن "المرية" لفظ عربي صرف، معناه، الناظور المرتفع الذي يقام على شاطئ البحر ليقيم فيه حراس يراقبون الشاطئ حذراً من غزاة البحر الذين نسميهم القرصان، وهو لغة في "المرئية" التي ترى من بعيد. انظر: رحلة الأندلس ص ٢٧٠.
(٣) - نزهة المشتاق، ص ٥٦٣. صبح الأعشى: ٥/ ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>