للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حبيب القرشي الذي اغتصب ضيعة أحدهم، ولم يكتف بذلك، بل سارع إلى التسجيل على حبيب وإنفاذ الحكم عليه بمحضر الفقهاء والعدول، وعندما عاتبه الأمير على مخالفته أوامره، أجابه قائلاً "أيها الأمير، ما الذي يحملك على أن تتحامل لبعض رعيتك على بعض، وأنت تجد من ذلك وجهاً أن ترضي من تُعنى به من مالك (١) ".

وأما الأمير هشام الرضا، فيكفي في إظهار موقفه من قضاته، أنه عندما استدعى المصعب بن عمران ليوليه قضاء الجماعة، قال له في معرض حديثه "ونفسي طيبة عليك لصلاح أمور المسلمين، ولو وضعت المنشار على رأسي لم أعترضك (٢) ".

وبطبيعة الحال لن يضع القاضي منشاره على رأس الأمير، ولكن هذه الجملة تعني الخضوع المطلق لأحكام القاضي الشرعية، وفي الوقت نفسه هي دليل على مدى ثقة الأمير بمن اختاره للقضاء.

ولقد كانت أفعال الأمير هشام مؤيدة لقاضيه، حتى أنه عندما اشتكى إليه أحد رجاله من أن القاضي سجل عليه في داره وأخرجه منها،


(١) - قضاة قرطبة، ٢٣ - ٢٤، وقد ذكر الخشني أن حبيباً القرشي بعد أن اشترى الضيعة من أصحابها بالثمن الذي ارتضوه كان يقول: "جزى الله عني ابن طريف خيرا، كانت بيدي ضيعة حرام فجعلها ابن طريف حلالاً" المصدر السابق، ص ٢٤.
(٢) - ابن القوطية، ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>