للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعطيل منصب القضاء في عهد الأمير عبد الرحمن الأوسط وابنه محمد أمر مثير للتساؤل، خاصة في وسط يعج بالفقهاء الأكفاء، كما هو حال المجتمع الأندلسي آنذاك، وقد كان بمقدور أي منهما تكليف أحد الفقهاء للقيام بهذه المهمة أو أن يدل على من هو أهل لها (١)، وبما أن بقاء الناس بدون قاضي مفسد لأحوالهم. إذاً ما هو العذر في تعطيل ذلك المنصب الهام؟

لعل حجة الأمير عبد الرحمن الأوسط وابنه في تعطيل منصب القضاء راجع إلى حرصهما على أن يكون القاضي الجديد لا يقل كفاءة عن سلفه (٢). وأما تعطله في عهد المستعين، فالناس كانوا في فتنة عظيمة لا ينال فيها صاحب الحق حقه حتى وإن كان القاضي في مجلسه، بالإضافة إلى هرب معظم الفقهاء من قرطبة بسبب الفتنة.

وبالرغم من المكانة السامية التي يتمتع بها قاضي الجماعة بقرطبة، إلا أن سلطته تبدو محدودة مقارنة بمكانته، فسلطته لا تتجاوز قرطبة، وقضاؤه يتوقف عند حدودها، وليس له على قضاة كور الأندلس أي سلطة.

والسبب في ذلك يوضحه لنا ابن حيان، فقد ذكر أن بني أمية في الأندلس "لم يفوضوا أمر القضاة إلى قاضي في وقت من الأوقات (٣) " سواء


(١) - من ذلك فعل الأمير عبد الرحمن الأوسط مع الفقيه يحيى بن يحيى الليثي. انظر: قضاة قرطبة، ص ٥. المقتبس، تحقيق: د. محمود مكي، ص ٥٨ - ٥٩. النباهي، ص ١٤ - ١٥.
(٢) - انظر: قضاة قرطبة، ص ٥. قارن: النباهي، ص ١٤ - ١٥.
(٣) - المغرب في حلى المغرب، ١/ ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>