للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يزيد الأمر توضيحاً في رسم المسير مع القاضي ما ذكره قاسم بن أحمد الجهني من أن قاضي الجماعة منذر بن سعيد البلوطي "ركب يوماً لحيازة أرض محبسة، في ركب فيهم أبو إبراهيم اللؤلؤي ونظراؤه، قال: فسرنا نقفوه وهو أمامنا وأمامه أمناؤه، ويحملون خرائطه، وذووه عليهم السكينة والوقار، وكانت القضاة حينئذ لا تراكب ولا تماشى (١) ".

لكن هذه القاعدة تخرم أحياناً، فقد ذكر الفقيه محمد بن أحمد العتبي أنه كان يمشي مع بعض الفقهاء بصحبة قاضي الجماعة سعيد بن سليمان وهو منصرف من مجلس القضاء نحو داره، فمر القاضي بالفرن وأخذ خبزته ووضعها تحت عضده، ثم توجه نحو داره، يقول العتبي: "ونحن نمشي معه، وقد أخرنا دوابنا إجلالاً له، حتى أديناه إلى منزله، فسلم علينا ودخل وانصرفنا عنه" (٢).

أما قاضي الجماعة، عمرو بن عبد الله فقد كان متساهلاً، بالذات وهو عائد من مجلس القضاء، فقد ذكر الخشني أنه إذا قام إلى داره قام الناس معه، فإذا بلغ القاضي باب داره "وقف وحول وجهه واتكأ على عصاه، ثم قال من كان له حاجة فليتكلم فيها" (٣).


(١) - مطمح الأنفس، ص ٢٥٥.
(٢) - المقتبس، تحقيق: د. محمود مكي، ص ٥٣.
(٣) - قضاة قرطبة، ص ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>